سرد مرهف بأيادِ صغيرة – الأطفال يرسمون الحكاية


من داخل ورشة الاطفال مع الصحفي والشاعر الاسباني ادواردو دي كامبو

بقلم عدنان بشير معيتيق

طفولة الرسم بالألوان لحكاية حلم بيوم أفضل لكل الناس يوم تختفي فيه ثقافة الكراهية والرأي الأوحد ويسود فيه الخير والحب والجمال.الأطفال يرسمون الحكاية بسرد مرهف وأيادي صغيرة لجرائم كبيرة, رسم أصوات المدافع والدبابات, بيوت متصدعة, حرائق, أدخنة متصاعدة تلون جدران الأمكنة المنسية في ذاكرة مدينة تحلم بوطن.مدينة تعج فيها أنفاس الماضي أسها شذرات لمقاتلي الثورة والجهاد تدون تاريخ البطولة والصمود على جدران أزمنة لا مكان فيها للجبناء والخونة.

أطفال يرسمون أيام عصيبة مرت تتزحزح بثقلها على صدور أهل مدينة مصراته ,لحظات البطولة والصمود,الانتصارات وجنازات الشهداء,الرعب ,الخوف والقناصة ,القنابل الانشطارية ,قذائف الهاون والغراد,دماء,أشلاء,جثث منتفخة وملابس جنود فرو منها وتركوها ملقاة على الأرصفة في الميادين خوفا من مقاتلي المدينة الشجعان أو خجلا من أهل المدينة التي كانت مأوى وعون لكل مدن الجوار ,عربات ودبابات مدمرة تم استهدافها من الثوار أمام مقهى السندباد في الطرف الشرقي لشارع رمضان السويحلي (شارع طرابلس),مبنى عمارة التأمين القلعة التي كانت مرتع للقناصة ونهاية التوغل لهذه الكتائب المجرمة .

رسموا كابوس الحكاية بلون الدم الغالب على المشهد مع سواد تفحم الروح من حقد الكائن بدلا من رسم أمالهم وأحلامهم بألوان قوس قزح كشاهد عيان بأنامل صغيرة تتحسس أصوات الخوف وليالي الرعب التي عايشوها مع أمهاتهم وأخواتهم في زوايا شديدة العتمة بعد انقطاع إضاءات المدينة واتصالاتها في أصعب اللحظات الإنسانية على البشر.

إذا الأطفال يرسمون الحكاية على كل ما يحدث لقصة مفصل مهم في تاريخ مدينة و وطن على أمل أن يكون القادم أجمل بجمال كل صباحات العيد وابتساماتهم المشرقة على وجوههم الواعدة تحت سماء زرقاء لا سقف فيها يحد من أحلامهم بسرد مرهف ترويه أياديهم الصغيرة.
عدنان بشير معيتيق 2011.05.20
مصراته ليبيا