العمل الفني هو حاجة الفنان إلى أن يكون موجودا و الفنانة هالة فيصل تعلن عن وجودها في مناطق الظل شديدة العتمة ، والظل هنا ليس ابتعاد الفنان عن أضواء الشهرة بقدر ما هو الدخول في مناطق المحرمات التي لا يجرؤ الكثير من الفنانين على البقاء فيها أو دخولها أصلا ، باستعمال أجساد عارية طافحة بالشهوة أحيانا ، بحركاتها العفوية شديدة الحساسية مع محيطها.
أحاسيس تسترسل عند المتفرج بيسر مع اشتعال الروح من بواعث انهمار الضوء على سطوح أجساد كائناتها التي تضئ كل شئ في طريقها ، فأصبحت كالقناديل المتوهجة بآمالها ، أفراحها ، أحزانها ، تتزحزح بثقلها في ذلك السرداب المجهول الممتلئ بأحاسيس البشر وشجونهم .
. هذا كله انعكاس لحالات وجدانية عميقة عند الفنانة، فهي لا يعنيها أبدا ما كانت ترسمه بقدر ما كانت تتوق إلى معرفة ما ينبعث من إشراقات في نفس المتفرج الذي يدهشه الوصف البصري المتقن في الأعمال المنجزة ومكامن الضوء المتأصل في ثنايا الروح .
عالمها ذي وقع سحري يستمد قوته التعبيرية من الخط واللون بمفرداتها الشرقية كالإنسان بملامحه، الخيول، السمك ، البجعات،الأساطير، الحكايات القديمة، أحذية النساء، الملابس العصرية، فلا يوجد تأكيد على الهوية أو المبالغة في الفعل ، فكائناتها تكشف عن روحها المشرقية بنفسها رغم أن كل منها تحمل صوتا مختلفا عن الآخر،يسهل عليها التواصل مع الجميع بخصوصياتها وان تأخذ مكان مرموقا في عالم اليوم.
تبقى هالة فيصل متفردة في رؤيتها ليس بابتكارها طريقة جديدة في الرسم بل باكتشاف مناطق الظل شديدة الخصوصية التي تعري الرغبات السرية للكائن في داخلنا، وتفضح ما كان مستور من ممارساته وتستفز ذاكرة وجودة لتوقظ فيه روح التغيير وعدم البقاء على حال.
عدنان بشير معيتيق
فنان تشكيلي