التشكيلي هيثم جابر: ينبغي الموازنة بين الواقعية الأكاديمية والهوية الأردنية
حاوره- أحمد الطراونة -قال خريج كلية الفنون الجميلة قسم الفنون البصرية في الجامعة الأردنية هيثم جابر انه اكتشف مبكرا ان التجربة لا تستقيم إلا بالدراسة خاصة بعد اطلاعه على المدارس الفنية والإبداعية الغربية، قرر تعميق تجربته من خلال الدرس الأكاديمي.
ورأى جابر الذي يشارك في معرض لستة فنانين في قاعة (الآرت ماترز) كان رأس أكثر من لجنة تحكيم في مسابقات فن الرسم من خلال وزارة التربية انه وأثناء الدراسة والبحث في المراحل الأولى اكتشف أيضا أن المدرسة الواقعية أو الأكاديمية هي الأقرب إلى روحه.
وفسر أنها تحتوي على إبداع مدروس وحقيقي ومبنية على أسس أكاديمية ليبدأ التمرين على أسس هذه المدرسة التي كانت مستخدمة من قبل الفنانين في الغرب قبل الدراسة, وأنتج عدداً من اللوحات المهمة إلا أنها كانت ما تزال تفتقد إلى التوجيه والخبرة التي تأتي من التعرف العلمي على أسس هذه المدرسة كما يقول.
جابر قال إنه صقل تجربته من خلال التوجيه والمتابعة والدراسة وكان للفنان علي عمر الذي آمن بهذه المدرسة ويعمل عليها، الدور الأكبر في توجيهه نحوها وتعميق معرفته حتى والتعلق بها.
وأشار جابر إلى أنه بعد الاطلاع على المدارس الأخرى أيقن أن الهاجس الذي كان ينمو عنده هو هاجس حقيقي لان المدرسة الواقعية هي المدرسة التي تبني أعمالها على قواعد وضوابط والعلم الأكاديمي البحت.
تابع جابر الذي شارك في عدة معارض خارج الأردن وأمريكا في السنوات 92-94 ، أن أعماله محاولات أكاديمية لصياغة الواقع الأردني، موضحاً ان من أهم الفنانين الذين استخدموا هذه المدرسة هو «وليم بوقور» وقد اثر في كثير في البدايات.
وبعد الدراسة قال جابر: حدثت الصدمة حيث اكتشفت ومن خلال متابعتي للوسط الفني الأردني أن الفنان التشكيلي الأردني لا يعمل على أسس أكاديمية ولا يراعي ضوابط التكوين الأكاديمي للعمل الفني والتي منها: التكوين والذي يظهر مدى انسجام المواد الموجودة في اللوحة، والهارموني ، الذي يبحث في انسجام الالوان، والتكنيك المبني على طريقة التعامل مع اللون. لذلك أصبحت اللوحة عبارة عن قطعة مكملة لأثاث المنزل وخالية من الحس الفني وأصبح السعر على مقاس اللوحة وكأنها أي قطعة خزفية أخرى غير ذات قيمة فنية أو فكرية.
فسر جابر غياب هذه المبادئ والأصول عن الساحة الفنية وعدم قدرة العديد من التشكيليين على التعرف على هذه الأصول والتمسك بها جعلهم يهربون إلى الحداثة المزعومة والتي تخلو من أي أصول فكرية أو فنية وهي استهزاء بالمتلقي وبالفن، ولو كانوا قادرين على صناعة لوحة حقيقية لما هربوا منها.
وقال إنني أعمل على إعادة الاعتبار إلى المدرسة الواقعية تحت إشراف أساتذة محترفين وسيكون في الغد القريب معرض يعيد لهذه المدرسة احترامها واعتبارها خاصة مع علمنا أن المشوار ليس سهلا ولكن سنستمر حتى آخر المشوار، مستدركاً رغم ذلك فان في الساحة الأردنية عددا مهما من الفنانين الكبار الذين قدموا لهذه الساحة هويتها وصنعوا حالة فنية يمكن التعرف عليها بسهولة ولم يعرف الفنانون الشباب كيف يستفيدون منهم ويقتبسون من إبداعاتهم على رأسهم الفنان الكبير مهنا الدرة الغني وهو الرجل الذي صنع الهوية للفن الأردني وهي هوية من أرقى الهويات الفنية في الوطن العربي ولا تقل في محتواها الفني عن منافسة أي مدرسة فنية غربية أو شرقية قائمة على التطور المدروس والفهم الأكاديمي والمرجعية العلمية حيث كان هذا الفنان من أوائل الفنانين الذين درسوا الفنون في الأردن في ايطاليا وعادوا ومعهم كل العلوم الأكاديمية.
وعن المدرسة الواقعية يقول جابر أن هنالك لبساً بين الواقعية كموضوع وبين الواقعية كتكنيك واقعي، وهذا يكمن في المصطلح حيث أن المدرسة الواقعية تتناول الموضوع الواقعي وهي مختارة من واقع الناس المعاش أو اليومي أما التكنيك الواقعي فهو أسلوب التعامل مع اللون والخط بشكل واقعي بدون مبالغة أو تحريف للشكل. وتجربتي هي تجربة واقعية من حيث الموضوع والتكنيك حيث أتناول المواضيع الواقعية التي يعاني منها المجتمع حيث أنني فرد من أفراد هذا المجتمع واشعر بتحمل المسؤولية في كل لحظة.
وقال الفنان: ما يدور في خلدي الآن إعادة الاعتبار للفن الحقيقي متمثلا بهذه المدرسة ومن ثم تسخير هذه المدرسة لخدمة الفكر الإنساني واثبات الهوية العربية عامة والأردنية خاصة بأنها ذات باع طويل وقوي في هذه المدرسة، وهنا لا يفوتني التنويه إلى أهم التجارب الأردنية في هذه المدرسة ومنهم: علي عمر، وغسان أبو لبن وغيرهم رغم كل الاحباطات التي واجهتنا.
عن النقد الحقيقي أكد أن هنالك غيابا لهذا النقد البناء الذي يصنع التطور الفني ووجود المجاملة والحسابات الشخصية داخل الوسط الفني مما ينعكس سلبا على الحالة الفنية الأردنية بالمجمل، قائلاً: رغم إيماني بأهمية التطور ولكن التطور المشروط المبني على مرجعية أكاديمية مدروسة تسير نحو الأفضل وليس العكس، ويمكن أن تقدم ما تريد من خيال وإبداع ولكن ضمن الشروط الأكاديمية الواقعية.
المصدر: alrai.com/article/471549.html