جرجس بخيت .. فنان يغمس فرشاته في سحر الاسكندرية
صورة من قريب
كلما التقيت بالفنان جرجس بخيت سواء في مرسمه بين فرشاته و ألوانه و لوحاته ، أو لقيته في طريق أو ندوة فاءنني لا أراه كما أراه بالعين .. و انما أراه منحنيا على جدران مقبرة ملك فرعوني قديم .. يرسم و يلون في وضوح و قوة ما خلده الزمان .. يحمل ملامح و شخصية مصري أصيل من اللون الى خفة الظل الى السخرية الهادفة و الابداع الجاد .
Invalid Displayed Gallery
و المتأمل في لوحاته يرى ثقة ضرباته بالفرشاه أوبالسكين و أسلوبه في مزج الألوان مما يعطيه شخصية مشرقة يؤكد على البناء الداخلي للوحة من شفافية تكشف الدرجات المتعددة ، شديدة الحساسية للمساحات المتجاورة ، و الاطار الوهمي الداخلي و العناصر المتباينة التي تتحرك و تتصارع في اللوحة ، عبر مستويين صاعد و هابطلتعزف منظومة بصرية ذات لغة جميلة تستقر في وجدان المتلقي..
أما البورتريه في فن جرجس بخيت فهو بصمة متميزة .. فالانسان في أعماله ليس مجرد وجه ، أنه روح و فكر و مشاعر ، يغوص الفنان في نفس من يرسمه ليعبر عن الأحاسيس الصافية أو المتعكرة في الأعماق .. كل هذا يظهره جرجس في بساطة .. فيجلس الأصدقاء بمرسمه و يصعد الفنان الى منبره ليتأمل أحدهم و يبدأ في تخطيط ملامح وجهه على قماش اللوحة ثم اضفاء اللمسات الانسانية عليه فاءذا به في ساعة أو أقل يجلس معنا في المرسم مرتين .. هنا و هناك .. و لعل الفلسفة الجوهرية التي ينتمي اليها الفنان عودته الغوص الى الأعماق و الصعود باللّاليء .
و للاءسكندرية في أعمال الفنان قصة حب و هيام تؤكد على أن قلب الاسكندرية العاشق يأسر أبناءها الفنانين و الشعراء .. و رحابة البحر و السماء فيها تتناغم في لوحات جرجس و تتسم بالوضوح و الحركة و غنائية الألوان ..
و يؤكد أسلوب الفنان جرجس بخيت الذي صقل موهبته منذ صباه بين مرسم الفنان سيف وانلي و مرسم الفنان منير فهيم .. أنه يؤمن بأن الفن اسعاد للمتلقي و ليس اغراقه في برك التغريب و الغموض و الوهم ، فتسلل جرجس الى أعماق المشاهد بطرق متعددة و مختلفة من خلال صفاء الأشكال و انسجام الألوان ، فالتشكيل عنده هو الأساس بصرف النظر عن تبادل الألوان و اختلاطها ، و الصراع بين المتحرك و الصامت يشكل عنده لحظة توقف و تردد أحيانا ..
و لأن الاسكندرية مهد أول رواد معاصرين للرسم و التصوير .. محمد ناجي و محمود سعيد و سيف و أدهم وانلي و من جاءوا بعدهم فقد واصلت دورها في أثراء الفن التشكيلي بأجيال من الفنانين المتحررين من القيود الأكاديمية . و هي سمة هامة في حركة الفن التشكيلي في الاسكندرية تنطبق على الفنان جرجس بخيت الذي يمثل جيل الفنانين الشبان الاّن علاوة على تميزه باءحساس شاعر مرهف – يخطىء أحيانا و يكتب الشعر – و لكنه يكتب بالفرشاة أجمل القصائد و يبعث من خلال لوحاته دفء الجمال الانساني و عبق المدينة التي عشقها فغمس فرشاته في سحرها .
صبري أبو علم