الفنان فلاح السعيدي بين ثراء اللون وحرارة الموضوع
ما ان ننظر تلك الاعمال الممهورة بالتراكيب اللونية الاخاذة الا وندخل في عوالم محكومة بحرارة الموضوع وذكرياته البعيدة .
ذكريات الصور الاولى التي خزنتها عين الفنان في تشكل حياته الاولى حيث صهيل الحصان واضطجاعات النساء على مصطبة البيت وحيث المشربيات والنوافذ التي تطل المشهد العام .
هذه التجربة ذات الابعاد المركبة التي تلفت نظر المشاهد والمتخصص معاً ، من خلال ما قدمه الفنان من اعمال مكتملة تستقي مرجعياتها من موروث بصري عميق يرتبط ارتباطا عضويا بالمشهديات العراقية .
من مفردات وعناصر شكلت ثيمة اساسية في تجربته مثل ( الانسان ، الحيوانات الاليفة ، العمارة التقليدية ، المرأة ، ) .
ففي هذا السياق ارى الى ان السعيدي يمتلك مهنية عالية في معرفته لماهية العمل الفني والذي انعكس بشكل ايجابي على طبيعة السطح التصويري الذي بدا غنيا بحيواته اللونية الى جانب قوة الاشكال والتكوينات التي جمعت بين التعبيرية التجريدية وملامح التشخيص حيث يظهر الحصان كجسد يحتوي على انفعالات لونية فاعلة دون التخلي عن تشخيصية الحصان نفسه وهذا ينطبق على باقي الاشكال المطروحة .
مما ادى الى ان السعيدي استطاع تشكيل شخصيته الفنية بحرفية عالية في تحوير الاشكال وتفعيل باليتته اللونية التي بدت حيوية ومهمة .
انجز السعيدي تلك الحساسيات من خلال تقنيات الرسم الذي يبدأ من الفوضى ليقوم فيما بعد بقراءة لتلك الفوضى التي تحتمل اشكاله وشخوصه فقد امتزج الحيوان وشكل الانسان والعمل على ايجاد حلول لتلك الاشكال عبر المبالغات والحذف والبناء وايجاد روابط مهمة تحققت من خلال الخطوط التي تظهر قيمة الرسم ليبدو عمله متماسكا ورصينا في بنائيته وحرارة الوانه ففي كل عمل للسعيدي نجد بؤرة لونية جاذبة للعين نتحرك من خلالها الى باقي السطح التصويري .
من هنا ارى الى السعيدي بأنه الفنان الاذكى والذي استطاع رغم زخم التجربة العراقية ان يفلت الى منطقة تخصه دون التخلي عن صفات العمل العراقي وهذا الامر يحتاج الى ثقافة من نوع خاص حققها الفنا في مجمل التجربة .
محمد العامري – فنان وناقد – الاردن
صيف 2007
Invalid Displayed Gallery
فلاح السعيدي
النحت على القماش
حين نتأمل في مجموعة من أعمال أي فنان فنحن أمام سيرة ذاتية لذلك الفنان سوى حاول أن يفصح عن ذلك أم لا ، تكشف عن ذلك الأشكال والرموز التي يضمّنها في أعمالهِ الفنية ، فهو يعطينا الخطوط العامة لمسيرة حياته ، ويترك لنا أن نتتّبع من خلال لوحاتهِ المؤثثة بالضوء والظل واللون ، تفاصيل تلك التجربة ..
ففي لوحات فلاح السعيدي هناك سردية ذات أبعاد روحية تجعل النص الظاهري يتلاشى ليصبح مجرد واسطة عبور لنص آخر خفي ساهم في تشكيلهُ مفردات ورموز وصور خزنتها ذاكرة الفنان منذ أيام الطفولة والصبا .
هذا النص الخفي يشكل في تجربة السعيدي نقطة أرتكاز مهمة ينطلق منها ليملئ لوحاته ِ بأيقاع لوني في غاية الأنسجام مبعث ذلك الأنسجام والتناغم اللوني ، هو حالة الصفاء الروحي التي يعيشها الفنان حين تنتعش ذاكرته بصور ورموز الطفولة والصبا ، أنهُ يعيد صياغة الطفولة مرّ أخرى ولكنه يجردها من واقعيتها لكي يقلل من سطوة الشكل وأبراز الفكرة التي هي محور مضمون التجربة الفنية .
أن التجريد لدى السعيدي يأتي من محاولته الواعية أو غير الواعية لتكثيف درماتيكيت الحدث ، أنهُ لايرسم الأطفال لنرى أجسامهم وحركية أنفعالاتهم .. بقدر مايرسم الطفولة ومقدار أنطلاقها وأتساعها كالحلم ، أو بمقدار تقهقهرها وأنكسارها كالظل وبتالي يبين لنا خفوت ذلك التوهج الحياتي أو ذبول الزمن الذي يدور في ذلك المكان ،
وهو لايرسم النساء لنرى مساحات الجمال المنتشرة في جغرافية أجسادهن أو يصور لنا الأنوثة المنطلقة من إيحاءات وإيماءات أجسادهن .. بل هو يرسم لنا كثافة الحزن أو الفرح المختزل في وجوههن ، ويصوغ لنا الحركية الأنفعالية للهواجس والأحلام التي تملىء عالم المرأة بأسلوب تعبيري يقترب في كثير من رؤاه من المدرسة التجريدية التي كانت تعطي للكتل اللونية أهمية في بناء العمل الفني .. لأن الكتل اللونية التي نجدها في تجربة السعيدي أصبحت تعبر أحاسيس ومشاعر التي يعيشها الفنان أثناء عملية الخلق الفني .. فأصبحت الكتلة اللونية عند السعيدي هي الشكل والموضوع معاً .. فهي من جهة أخذت تحل محل الأشكال المحسوسة لتعبر عن أنفعالات وهواجس المشهد الذي حدث ببعدية الزماني والمكاني ، ومن جهة أخرى أصبحت هذه الكتل اللونية هي الموضوع لأنها تعبر عن الأفكار التي ضمنّها الفنان فيها .. على أساس أن الحقيقة تكمن خلف الأشياء وليس في ظاهرها ، وهذا الشيء يحدث حينما تصبح الأشكال والصور الواقعية غير قادرة على أحداث الدهشة والأثارة عند المتلقي كما يبتغي الفنان ، فيحتاج الفنان الى أيقاع لوني ينتظم داخل تلك الكتل كي ينتج عن ذلك زخم وغزارة لونية تؤدي الفعل المنشود في المتلقي ، والذي أعطى هذا التميز في تجربة السعيدي هو تلك العلاقة التي أوجدها بين الكتل اللونية والخطوط ، فشكلت هذه العلاقة ثنائية لاغنى عنها في أعمال السعيدي ، حيث بدت الأجسام والأشكال سوى كانت لأنسان أو حيوان وبفعل قوة الخط وأنساقه الرصينة ، وكانها منحوتات قد نحتت فوق قطعة القماش .. والذي يعطي هذا الشعور لدى المتلقي حين يشاهد أعمال فلاح السعيدي هو تلك الكتل اللونية التي شكلت من خلال وجودها المتجانس العمق الفراغي في اللوحة مما ساعد في أعطاء تلك الأشكال والأجسام أبعاد أخرى تبتعد بها عن الرسم الذي يعتمد في صياغة هذه الأشكال على تقنية الضوء والظل .. وأعطاها بُعد آخر ثلاثي الأبعاد بوجود ذلك العمق الفراغي داخل اللوحة ، أي شكل العمق الفراغي الحيزالذي أحتوى تلك الأشكال ، وحين يشاهدها المتلقي يشعر وكأنهُ يرى أشكال ورسوم قد نحتت على قماش ..
وكما قلت أن الخط في تجربة السعيدي يُعد عنصر مهم من عناصر الشكل لديه .. وقد ساهم هذا العنصر مع الأيقاع اللوني المنتظم داخل الكتل اللونية في أيجاد علاقة تبادلية تفسر لنا الحالة الشعورية التي يعيشها الفنان في أثناء عملية الخلق الفني .. فأحياناً نرى أن الخط يأخذ لديه مسار ينحني الى الداخل أو الخارج دون أن يشكل زوايا حادة فيشكل مع الكتل اللونية حالة من الشعور بالأبتهاج ، لأن مسار الخط والمساحات اللونية أوجدت حالة من التكوينات البصرية في اللوحة ، تكشف عن صورة ذهنية تبعث بأيحاءات تلامس مواطن السرور بالنفس وهذا ماشاهدتهُ في عدد من لوحات السعيدي في معرضهِ الأخير . وعكس ذلك حين يأخذ مسار الخط زوايا وضربات حادة فيخفت الضياء في الأيقاع اللوني وتنتاب المتلقي حالة من الحزن بسبب مايراه في جو اللوحة كما نرى ذلك في لوحة (المفخخة) .
وأذا كان الفن هو أعادة تشكيل وصياغة العالم بواقع جديد يجعلنا نحس فيه بحالة من الفرح والأطمئنان وعدم الشعور بالقلق والضياع ..عن طريق العودة بالأنسان الى منابع الوجود الأولى التي تستند الى البراءة والفطرة والحُلم والجمال، وهذا مانجدهُ في عالم الطفولة والمرأة والأسطورة ..
وتشكل هذه العناصر محور تجربة السعيدي ، ولكن أختلافهُ عن الآخرين في طرحه لهذه العناصر.. أنهُ يطرحها برؤية تعبيرية تختزل الواقع وذلك لأن بعض مشاهد العمل الفني يعتمد التجريد أما لتجسيد فكرة ما ، أو للتركيزعلى جوانب معينة من الواقع يعدها الفنان مهمة في مرحلة الخلق الفني لتسليط الضوء عليها ، بأنتظار لحظة التفاعل التي تحدث بين المتلقي والعمل الفني حين يبحر بنظرهِ في فضاءات التكوين البصري وهو يقرأ النص الظاهري من خلال الرموز والأشكال المرسومة ، والذي بدورهِ يكون مدخل لقراءة النص الخفي الذي يتوارى خلف هذه الرموز.. فتكتمل دورة التجربة الفنية ، التي تبدأ بالحدث المؤثر بالفنان وتفاعل الحدث في ذات الفنان ومن ثم تفاعل ذات المتلقي مع العمل الفني ..
ونحن حين نرى لوحة السعيدي المرأة التي تحمل طفلها الذي ينزف دماً
نرى كيف جعل السعيدي هذا المشهد يصرخ ألماً في ذاتنا وجعل كل مشهد اللوحة يعبرعن ذلك النزيف ، أنهُ أختزل فجيعة ذلك المكان في مشهد واحد يفتح الأبواب لمشاهد أخرى في ذاكرتنا .. وهنا يكمن أبداع السعيدي .في تجربة هذه Kوأذا أردت أن أختم حديثي عن تجربته هذه فلابد من القول أنها دعوة للتأمل في كيفية صياغة الواقع بروح تعبيرية تقترب من رؤى المتصوفة
سلمان الواسطي
2008
جرعة التعبير في مواجهة تقليدية المشهد
في كل مرة اكتب فيها عن اسم جديد من الفنانين العراقيين اجد نفسي امام تحولات ذات حيوية لم اشاهدها في تجارب الفنانين المؤسسين في العراق مع العرفان لهم فيما انجزواه .
في هذه المرة اكتب عن فنان تعرفت على اعماله بالصدفة في محل للتأطير فكان الاشتباك مع هذه التجربة هناك حيث ارى في هذا الفنان وصمته انه من الفنانين الملفتين في مجالات التلوين الى جانب قوة الخط التي تمتلكه لوحاته .
فقد ذهب الفنان فلاح السعيدي الى اعادة الاعتبار للحراك الاجتماعي والجمالي للمجتمع العراقي والذي اعطاه مادة زخمة للتحرك عبر موضوعات تتنوع في حركتها داخل اللوحة من خلال اكثر من عنصر مهم مثل الثيران والبيوتات وملامح الانسان العراقي والبيوتات وصولا الى النساء القرويات اللواتي اخذن مساحة واسعة في التجربة عبر تحويرات في الجسد واجتهادات في التلوين الذي جاء من خلال تعبيرية فاعلة ومحترفة ظهرت في الحلول التي صاغها الفنان في بنائية اللوحة .
وفي الجانب الاخر اظهر الفنان في بعض لوحاته رسالة خفية في عرضه لبعض الاعمال الاكاديمية من باب ان التحوير والتعبيرية المطروحة لدية قد جاءت من خلال مرجعية قوية للرسم وليست هروبا من شيء اخر كما يفعل البعض .
ان الفنان فلاح السعيدي استطاع من خلال اعماله ان يقدم فعلا جماليا ملفتا وذكيا فيما ذهب اليه في تحويراته للاشكال ونرى الى النخلة التي تحولت الى مساحات لونية تجريدية وبقيت محافظة على صفاتها كنخلة وارى في لوحة العربات كذلك .
فالذي يشاهد تلك الاعمال يدرك حرفية الفنان فلاح في صياغاته الفنية حيث استطاع ان يحمل الموضوعة التقليدية الى منطقة الفن الخالص وفي الجانب الاخر امتلكت توزيعاته اللونية موسيقى حارة خدمت في تواجدها الموضوعة المطروحة في الرسم .فنان يبحث عن لوحته الموجودة في عواطفه لتخرج متفاعلة بكونها المحفوظة في الذاكرة البعيدة والجديدة في حياة اللوحة التي استدرجت مناخات الطفولة وتنوع المكان العراقي .
محمد العامري
فنان وناقد – الاردن
المواليد: العراق – بابل 1976
التحصيل الدراسي: دبلوم معهد الفنون الجميلة – بغداد – قسم الرسم (بدرجة امتياز)
العضوية:
عضو نقابة التشكيليين
عضو جمعية التشكيليين
المعارض الشخصية:
المعرض الشخصي الاول – قاعة معهد الفنون الجميلة 1995
المعرض الشخصي الثاني – قاعة معهد الفنون الجميلة 1998
المعرض الشخصي الثالث – جاليري دربونة – عمان – 2006
المعرض الشخصي الرابع – دار الاندى – عمان – 2007
المشاركات:
مهرجان الرسم الحر – بغداد 1989
مهرجان مجلس التعاون العربي – بغداد 1990
معرض مهرجان بابل الدولي 2002
معرض مشترك – قاعة المتحف – السليمانية 2003
المعرض التأسيسي لجمعية الفنون البصرية المعاصرة 2003
معرض مصغرات الفن العراقي – قاعة حوار – بغداد
معرض تحية الى بغداد – قاعة حوار – 2003
المعرض السنوي – قاعة حوار – 2004
المعرض الاول لأعضاء موسوعة الفن العراقي – قاعة الواسطي – 2006
مشارك في أغلب معارض وزارة الثقافة
مشارك في قضايا المرأة في الحرية والمساواة 2006
Falah Saidi
Born in Iraq- Babel 1976
Diploma in Fine Arts institute in Baghdad- Painting department (excellent degree).
Membership
Member in Iraqi Artist Union
Member in the Society of Iraqi plastic Artists.
Personal Exhibitions:
The first Solo exhibition\ The Hall of Fine Art institute- 1995.
The Second Solo exhibition\ The Hall of Fine Art institute- 1998.
The Third Solo exhibition\ Darbouna Gallery- Amman- 2006.
The Fourth Solo exhibition\ Dar Al-Anada Gallery- Amman- 2007.
Participations:
Free painting festival- Baghdad- 1989.
Festival of Arabian corporation council- Baghdad- 1990.
Babylon International Festival- 2002.
Collective Exhibition- Mathaf Hall- Sulaymania-2003.
Foundational exhibition of contemporary visual society- 2003.
Iraqi Miniatures exhibition- Hiwar Gallery- Baghdad.
Salute to Baghdad- Hiwar Gallery- 2003.
Annual Exhibition- Hiwar Gallery- 2004.
The first exhibition of the members of Iraqi Art Encyclopedia- Wastity- 2006.
Participations in the most exhibitions of Ministry of Culture.
Participant in the affaires of Woman in Freedom and equalization- 2006.