الجمالية الفنية لحرية النضال التشكيلي الفني في أزمنة الحرب – الجزء الرابع


بقلم :  الدكتور سامي يوسف جركس

ان ما حصل للأرمن و ما تم من انحرافات في تركيا كان بفعل التخطيط  اليهودي– الماسوني و بتشجيع استعماري .

فعمل الفنان اللبناني الراحل المنحدر من الجذور الأرمنية   “بول غيراغوسيان” جزء من هذه الحالة الانسانية المشحونة بذكريات الماضي المفجع المسيطرة في الشعور بالاحساس بالاضطهاد لشعبه ألأرمني الذي كان يحب الحياة و من حوله ،


sami-jarkas

ان انتزاع الحياة لهو الاستبداد بحد ذاته . ففي لوحته المبنية باسلوب “تجريدي” ^ المبنية على أشكال مجزئة بأشكال لونية مبعثرة بخطوط اختزالية لمشهد مواطنين كجزء من شعب يطالب بالحرية ، و يحكي لنا على المفاجعه عبر التاريخ وما لاقته الانسانية من الظلم و القمع و الموت .       ففي عمل “بول غيراغوسيان” نرى التفكك المصحوب بحزن من أعماقه وفي ملامسته للريشة و هي تخطو بالالوان بحنين حزين لابعاد اتجاهها ابعد من أن ترى بالعين المجردة ، فهي كتل و أحجام من أحاسيس مدونة بمساحات بين الماضي و الحاضر ، الماضي بذكريات الحرب المفجعة و الحاضر بنكبة أخرى من الحرب الحديثة، فقد عاش الفنان مرحلتين من ألآلام الانسانية معبرا عنها بلوحاته المتبقية بعد موته .

^- التجريدية :Abstract مصطلح واسع في ميادين القواميس اللغوية ، ففي الفنون التشكيلية و خاصة في الرسم كان من الطبيعي أن تتطور المفاهيم الفنية من خلال محاولات الفنانين عبر الحقب الزمنية من مختلف الظاهر الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية، و لقد اتخذ الفنان المداخل المتعددة فهناك المدخل الذي جاء وليد التكعيبية ذاتها  ، يبدأ الفنان بالاصل الطبيعي و يرى عمله من زاوية اختزالية حتى تفقد الاشكال الطبيعية صفتها بالاصل ويتحول هذا الاختزال الى مساحات لونية معبرة عن الكيان الانساني بمحافظتها على الاشكال بنسب و مميزات مختلفة التي جردت من أصلها الطبيعي و تحولت لحالات و تحولات ايقاعية مترابطة ليس لها دلائل بصرية مباشرة .و لهذا اضيف اليها صفات حتى أصبح لدينا أنواع مختلفة من التجريد و أنواع من “المذاهب التجريدية “.

فالمذاهب التجريدية متعددة  الأساليب ، و ينطوي تحتها  مذاهب كثيرة لها مداخلها و نزعاتها  المتنوعة ، و تمثل كل نزعة روادها و أقطابها ، و التجريد   هو قياس للفن ذاته و يمكن ترتيب مجموعة من الاعمال التجريدة حسب معيار هذا الفن . فالمذهب التجريدي في عمومه ، و ان كان قد حرر الفنان من تبعات التقليد و التشبث بمظاهر أكاديمية لا تمت الى الفن بسبب ، الا أنه كان مدخلا يوحي بانطلاقة أكبر نحو تحقيق ابداعات جديدة قوية ، تفوق ما تحقق بوحي تقليد الطبيعة ، الا أن هذا  أمر متوقف على موهبة الفنان ذاته ، و بصيرته النافذة ، و جرأته في تخطي المجهول و الكشف عنه .

فعنف التجريد التعبيري و مضمونه و قدرته على تحريك وجدان المتفرج ، كلها امور متوقفة على استلهام الفنان للتجربة الفنية من مصادرها ، و تبسيطها الى معدلاتها الاولى ، بحيث يستطيع أن يحسها كل شخص ذواق يتعامل أصلا مع لغة التشكيل الفني و مقوماته  . و مهما قيل عن التجريد ، فالموضوع لا يتقلص او ينضب ، لأن  له أبعادا كثيرة عالجها فنانو القرن العشرين ، و من قبلهم ، و ما زال المفهوم يحتمل معالجات جديدة ستأتي بها الايام . و المعنى العام الذي يجب التعرض له في المقام الاول ، أن هذا الفن مهما اختلفت مظاهره  يبقى اساسه التجريد ، و يعني أساس الفن هذا في احكام العلاقات التشكيلية بين الاجزاء و الكل ، أو بين التفاصيل و الصيغة ، فليست العبرة في التجريد بالمدلول الظاهر ، و انما بجوهر العلاقات و تأصيلها و احكامها ، كعلاقات محكمة لها مدلولات بصرية تكتسب بالتجربة ولا تتقيد ببداية واحدة ، لها مظهر واحد ، و انما نجاح الأعمال التجريدية منوط بقدرة الفنان في احكام الروابط بين عناصره و بعضها البعض ، و يؤكد الروابط التي تستند اليها شتى التفاصيل ، فحينما يتم هذا الاحكام بحساسية الفنان المرهفة تسير النتيجة في اتجاه الفن التجريدي و ان تفاوتت في مستواها او اذا قورنت بغيرها من القطع الفنية .

لتكن الاعمال التجريدية الجديدة بداية الحداثة و بحس موضوعي لأظهار ثراء الحركة الفنية في القرن الواحد و العشرين و بمدخل جديد لمقررات التذوق الفني في الحقول الفنون التشكيلية .

عمل الفنان التركي “اسماعيل كوبان” المتمثل في لوحته “القتيل” المملوءة بالحزن عبر أشكال انسانية مدمرة كاشارة واضحة للقمع فأشخاصه المرسمون و ذوو الملامح المشوهة تتكرر أشكالهم و عذاباتهم أمام الاضطهاد و التشرد ، باسلوبه “التجريبي”^ حيث استعمل مادة الفحم كوسيط و آداة للتعبير في لوحته “القتيل” ليبين هذه الفاجعة و أهله المفجوعين ، لقد أعطى السواد الحزن المخملي و عصبية متوهجة شطر اللوحة الى جزئين السواد و البياض ، فقوة اللوحة تكمن في التنافر بين هذين اللونين الأبيض بتدرجاته الرمادية الملتهبة و الاسود العميق ، فهو ذاك الفنان الذي يتحدث عن بلاده في واقع مؤلم  وعبثي ، حتى أصبح الفنان هذا العبث نفسه كتعويض للواقع المهدم الذي تركته الحرب ورائها لقتيل يجر  عاهته في شوارع وطنه تعبيرا عن  قساوة الحرب و مدى ظلمتها الطاغية .sami-jarkas

^- التجريبية: Experimentalism مدرسة فنية أطلق عليها هذه التسمية الفنان ” آسجار جورن”. فهي نزعة في الاعمال الفنية ، تثور على التقاليد و القناعات في التراث بحثا عن التعبير و عن طرق جديدة في التعبير عن أعماق اللاشعور و التعبير عن مفاهيم جديدة لطبيعة الواقع و اللجوء الىالاحلام و الشخصيات الخيالية و أطلق على أنصار هذه المدرسة “بالتجريبيين” في هولندا عام 1950.

ويتراءة لنا من خلال لوحة الفنان العراقي “ضياء العزاوي” بممارسته الفنية حيث  لأعماله الذي يعبر عنها بالبنية “الرمزية”^ و “التعبيرية”^ العميقة، لوحته صارخة مأساوية حيث يدمج لغة الرسوم بالحروف محاصرة في ذاكرته الحرة التي تتواصل ضد القهر و الموت بتعبيرية لزمن تنزف فيه الدماء البريئة . اللوحة تثير حالات انفعالية حادة ذات ثنائيات متناقضة و متصارعة، بمثابة شاهد للتاريخ يستحضر  صراع الموت الجماعي بطريقته المأساوية حيث قدم لنا الفنان العزاوي استبطان لهموم الحاضر الفلسطيني ، ليتخطى مجاله الخاص لوطنه العراق الى أرض العروبة فلسطين ، ليستجمع  عبر فلسطين خارطة الحزن و الاسى لشعبها المنزوف دما و ألما و حزنا في ايقاعاتها الدرامية . sami-jarkas

^- الرمزية :Symbolism مدرسة فنية تعني بالتعبير عن الافكار و العواطف لا بوصفها المباشربل بالايحاء و اعادة تركيبها بالذهن من خلال الرموز غير مشروحة و الموضوع يظهر عن طريق الايحاء و تحول بعدها الى اسلوب لايجاد بديل عن شيء آ خر و الرمز يضم صورة تتحول الى لغة رمزية .

 

^- التعبيرية :Expressionism المدرسة “التعبيرية” هي الطريقة التي يجسد بها الفنان أفكاره و مشاعره بشكل فني ، ترى هذه المدرسة أن الفن كله ينتمي بين الحدس و التعبير، اذ يحاول الفنان من خلال عمله أن يعبر عن عاطفة معينة ، و أطلق هذا الاسم على الاعمال الفنية مأ بين (1910 -1925). وتقوم التعبيرية على مذهب المنفعة العامة تركز على الفعل و صرخة الانسان ضد البيئة ، وهي الافصاح عن المشاعر بلغة تلقائية دون التقييد بالتعليمات المدرسية و الاكاديمية و تتميز بالانفعال الانساني .

أما عند الفنان “بشار العيسى” المنحدر من الاصول و الجذور الكردية ، نرى المعاناة بادية و معبرة في لوحته فتتأكد هنا أجواؤه المأساوية في حدة التعبير و قسوة الخط (الحبر الصيني) و هو يحرص على رسم نماذجه البشرية و تأكيد تعبيريته بدقة تجعله يتمسك أشد التمسك .. و تسجيل اللحظة المعبرة في ذروتها مستخدما اسلوبا تعبيريا و قد أحاطها بجو من  sami-jarkas.. و ألم و تكتسب الوجوه ملامح الضبابية كونها لحظة الصدق في التعبير عن الانفعالات الانسانية ، و تتسم كلحظة الانفعال الحاد الذي يكشف عن الضمير الامة و آلامها  ، فحين يتدنى الموت كمصير محتوم لشعب أذاق الاضطهاد و القسوة و العنف و تداعي الحس للكيان البشري ، و وطن يريد الحرية رغم الصعاب و أحداث الايام

ففي القطر العربي السوري تكمن أهمية الفنان الراحل”سعيد تحسين”(1904- …) Said Tahsin في دمشق باسلوبه المتميز بالمدرسة “الواقعية”^ و “التسجيلية” ^ و اكتسب شهرته منها، و التي ربطت تجربته بالتاريخ العربي و   عكست مدى تعلقه بالعروبة. sami-jarkas

باتت لوحاته تؤرخ للاحداث الهامة في التاريخ الحديث و من القضايا التي كانت تشغله دوما  “الخير و الشر” و “الحرية” و “الاستعباد”. و أعطى اهتماما خاصا للوحات التاريخية المعاصرة ، و السياسة الراهنة ، و هكذا صور لنا ” المجاعة في سورية أثناء الحرب العالمية الاولى” و”شهداء 6 أيار” و  “ميسلون” و “الهجوم على المجلس النيابي” و ” العدوان الثلاثي على مصر” و ” ستعودي يا ابنتي الى فلسطين” sami-jarkas و هنا ندرك أهمية الفنان العربي بالنسبة لحرية النضال الفني التشكيلي في الوطن العربي ، وكان أحد الفنانين الذين منحوا وسام الاستحقاق السوري لما قدم لبلاده ومن الذين كرمتهم الدولة في عام 1980 تقديرا لجهوده . وهو أول من طالب بتأسيس معهد الفنون الجميلة في سوريا . sami-jarkas

ففي لوحة المجاعة للفنان سعيد تحسين صرخة يطلقها الانسان لتسمو على الحكاية المروية أو على الخصوصية للجوع المخيف الذي تسكبه النظرة الثابتة على أهوال الحرب و ما تسبب به من عواقب وخيمة من الحرمان و التردي و تداعيات للانسانية التي حصدت الموت الشامل المحرك للعواطف ، و نجد تفسيرا و تبريرا بأثر رجعي للازدهار الغريب لمرحلة الكائنات الحية بالتعبيرات المشوهة كحدس ، و صرخة ألم و حزن تنذر بالاحتضار ، وهكذا يضفي كل شيء أقصى قدر من الكثافة على هذا النوع من الألم أو البؤس المتفجر في اللوحة . ويقنعنا الفنان “سعيد تحسين” بمنطق “الواقعية” السليم و يبرر كل شيء أمامنا . sami-jarkas

^- الواقعية Realism  : مدرسة تصوير فنية تقترن بالأدب على أنها نقل للواقع و دعوة الى أن يكون الفن و الأدب نقلا عن هذا الواقع ، و لقد أصبح هذا المصطلح شاملا وواسعا لا يدل على شيء بعينه ، و لهذا أضيفت اليه صفات شتى أصبحت هذه المدرسة تضم أنواعا مختلفة من الواقعية . هذا يعني نقل ألاراء من لغة علماء الاجتماع الى لغة الفنان و بمعنى آخر من لغة محكية الى لغة مرسومة .

مثال : الواقعية الطبيعية . الواقعية الموضوعية . الواقعية القومية . الواقعية التشكيلية . الواقعية التصويرية . الواقعية الساذجة . الواقعية المثالية . الواقعية الاشتراكية . الواقعية الاجتماعية . الواقعية التسجيلية . الواقعية التاريخية ..الخ. مثال على ذلك :

الواقعية الطبيعية : الفنان يخدم الطبيعة في اظهار جمالها دون التغير في وحدات عناصرها.
الواقعية الاشتراكية : الفنان هو خادم للدولة في تحقيق مقومات أهدافها .
الواقعية القومية : الفنان ملتزم بالقضايا التي تصور حق مصير العيش و ارتباط الانسان بأرضه .
و الى جانب صدق التفاصيل تتضمن “الواقعية” عموما العرض الصادق للشخصيات،   على أن “الواقعية” هي الوعي بالمشاركة في تجديد الانسان لنفسه، و الفن الواقعي هو الذي يكشف عن فردية البشر و تشابههم مع الآخرين و ينتج شعور المشاركة بين الناس ، فهو فن تعليمي أكاديمي و الموضوع الحقيقي للفن هو الانسان .

^- التسجيلية : تندرج في المدرسة “الواقعية التسجيلية” حيث أن الفنان يسجل الواقع العيني لما يشاهده من أحداث بطريقة مباشرة و بعرض صادق للمجريات بأدق تفاصيلها .  فالفنان يجب أن يجد الحقيقة مهما كانت الحقيقة  حتى لوغير ملائمة ، فيسجل الفنان ما هو حاصل مهما كان الثمن بكل ما في الحياة من قذارة و فقر و عنف و يأس . و المدرسة التسجيلية قديمة في العهد الفني مثلا الفنان الياباني “هيوتاكو” صاحب مدرسة “هيوتاي” تعني بالرسم التسجيلي و الحفر و هوسابق على نشأة المدارس التشكيلية اذ توفي العام 450 ميلادية . و الرسام التسجيلي الياباني “أنانو موس” في لوحته عن الحرب : أحراق  مدينة سانجو في القرن13م.   sami-jarkas

و لوحة “الحرب” عند الفنان اللبناني د. جميل ملاعب نرى في الأشكال هي القيم التعبيرية عن تجربته الشعورية ، sami-jarkasفنرى مدى نجاح الفنان في تنسيق عناصر بناء الأثر الفني ، فالخطوط عنده لها وظائف انفعالية الى جانب وظائفها الرمزية  فاستعمال الخطوط بدون أن نشاهد التدرجات اللونية في اللوحة فهي تقرر القضايا و نقل الاشارات الى الرائي بينما الاستعمال الانفعالي هو التعبير عن خلجات النفس ، و اثارة العواطف و المشاعر . فالخطوط المنحنية البارزة في اللوحة ترمز الى الليونة و الانسياب و السلاسة ، بينما الخطوط المنكسرة ترمزالى للقسوة و الشدة و الصرامة و العنف، فهي تحرك فينا المشاعر الرقيقة و الاحاسيس العاطفية عند المشاهد ، حيث نحس بها بفزع و ألم و غضب، تستتر خلف تلك المعركة تحفزا للثأر و الانتقام.التي تشعرنا بها الخطوط المتكسرة الصلبة العنيفة ، ذات الزوايا الحادة المتوترة . و طريقة الاداء الفني تكمن في كيفية استعمال الخطوط و ترتيبها و تنسيقها بحيث تتأثر بعلاقات بعضها بالآخر حيث أنها تسهل ترجمة “الشكلية”^ للمنظور بالبعد الواحد و تحركات الكتل ، وتجعل ادراك الشكل و المعاني الملموسة للحركة الرمزية  أكثر “تركيبية”^ بتأليف سينوغرافي .

^- الشكلية :Formalism مدرسة لها صفة عامة لكل اللأعمال الفنية ، تعتمد على “التقنيات” كأداة للفن و ترى أن تفكك الواقع هو الموضوع الرئيسي في الفن و ادراك الصعوبة هو جزء من التجربة الجمالية .

^- التركيبية :Inditing مدرسة تعني بتجميع لقطات صورية تتصف بارشاد المشاهد لرؤية مواضيع متسلسلة للوحة اللواحدة ، تعتمد هذه المدرسة على طريقة التناقض و التوازي في المدرسة “الرمزية” و بتعريف وجيز اظهار رسم “سينوغرافي ” كما لو أن المشاهد يتفرج الى شرائح تصويرية أو مسرحية .

لوحة معركة الهراوي في موقعة المالكية عام 1948 ، sami-jarkas  للفنان التشكيلي اللبناني سامي جركس،حيث أنه قدمها بطريقة المدرسة الوحشية^ بتناسق متزن بين الشكل الدائري و التربيعي بألوان صاخبة و جريئة من حيث الرسم التسجيلي لموقعة معركة الهراوي بقيادة النقيب في الجيش الليناني الشهيد   محمد زغيب كرمزا من رموز المقاومة  الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي.

^- الوحشيـة : Fauvism  مذهب في الفن ازدهر في ” باريس ” و أصبح مدرسة(1905_1908)على رأسه ” هنري  ما تيس ”  المعروف بالفنان الوحشي وتعتمد هذه المدرسة على الألوان الصاخبة و البسيطة التنفيذ المليئة بالطاقة والذي أطلق عليه مصطلح الضواري (الوحشي) و   المقصود بها الألوان الصاخبة بالتعريف الوصفي هو الناقد ” لوي فوكسل ” بعد أن شاهد بعض لوحات عدد معين من الفنانين .. امتازت أعمالهم بتحطيم المنظور و تسطيح الشخصيات ذات التأثيرات اللونية الضوئية الساطعة .

منحوتة ” يد المقاومة” للفنان النحات عزت مزهر sami-jarkas، عندما تحاكي المطرقة الإزميل تبدأ الكتلة الحجرية اظهار جمالية التكوين و الفراغات التي تعكس عملية الظلال الناتجة عن النور الساطع نحوها. المنحوتات النافرة لها بصامات الازاميل الجارحة و القاطعة لاظهار الثلم كحروف ناطقة للتعبير عن الفجوات المحدثة من جراء العملية النحتية عمل جسد به الفنان النحات “عزت مزهر” طلة تجسيمية ، انسجامية الاطياف  نحتت  و نهضت فوقها أشكالا منحوتة النتوءات بانسياب فني لتروي للرائي جمالية التحولات   و تبدلاتها بمملكتها المتجددة ابدا رافضة بحزم الروتين الجامد .. و لعل بذلك العمل النحتي قد توصل  الى تجميد حركة من حركات التشكيل الدائمة للحركة المطلقة .

^- النحت : Sculpture نوع من الفنون التشكيلية يهتم بعرض الجسم البشري على أنه تعبير مثالي عن الفن حيث توجد وحدة عضوية بين الشكل و المحتوى و تتوازن المادة مع الروح.و يقول ” هربرت ريد” إن النحت ليس عرضا في الفراغ بل إبداعات من الاشكال الصلبة التي لها قيمتها الداخلية من الكتلة و الحجم . و ويرى “هنري مور” بأن خصائص فن النحت قائمة على الصدق إزاء المادة و تحقيق للابعاد الثلاثة و تحويل الكتلة الصماء الى تكوين له وجوده الكامل و مزج مبادىء النحت التجريدية مع أفكار الفن الخاصة . و يعتبره “كامو” أعظم الفنون و أشدها طموحا و يستهدف تثبيت الصورة الانسانية العابرة  للشكل البشري الزائل فيرد فوضى الحركات الى وحدة الطراز.

لوحة السيادة  للفنان التشكيلي سامي جركس  sami-jarkasفي القصر الجمهوري عام 1994هي نحت بارز على مسطح خشبي قياسه 122 سنتمترا مربعا ، و هي مؤسسة من مواد مختلفة ، لذلك بلغ وزنها أكثر من 250 كلغ ، أما ألوانها و رموزها فهي تقوم على ابهة الشروق تقبض بقوة على السيف الذي الذي هو معيار للعدالة و السلطة فيما اخضرار الورق الشجري  هو اشارة الى لبنان الاخضر اما تعاقب الاقواس فإنها اشارة الى البناء الملازم للوجود اللبناني ، الكتابة الفنيقية عودة الى الفنيق مع التاكيد على ألوان العلم اللبناني بقيت حاضرة ضمن الاشكال الهندسية كحركة محورية لفك الثوابت في مسطح العمل .

^ – مودلاج Modelage المعنى اللغوي= التجسيم : المعنى الفني الاساسي هو من الفنون التشكيلية الشعبية من زمن الاغريق ( اليونان قديما ) المتمثلة بالنقوش النافرة و الغائرة على الجدران و الملاعب الرياضية و على النقود المتداولة ، و الجرار . و في عهد الرومان و اندماجها مع الحضارة الاغريقية ادى الى التنوع بالمواد المستعملة.

في الحاضر الحديث هو من الفنون التشكيلية التطبيقية ، و أصبح فنا قائما بذاته،يدخل في نطاق النحت التصويري ، يبدأ بواسطة عناصر المادة( الطين، الجص ، عجينةالاتربة الحجرية ، المعجون البلاستيكي ، الشمع ، الخشب ) . و هذه المواد لها صفات الطراوة قابلة للتحول و التغيير تخولنا تجسيم الاشكال الى منحوتات فتية رائعة .

فمن تجربتي الفنية في هذا المضمار و النظر الى التشكيلات المنوطة بالمحسوسات الشكلية حيث المسطحات و التجاويف الصادرة عن عملي الفني ، كنت أعتمد على التناسق النسبي للمساحة الكلية للموضوع المراد ابرازه و توظيفه في شكل معين ذات طابع هندسي ، ذات تجاويف نافرة و غائرة . النافرة هي نتؤات ظاهرية  تتاّلف مع النور لتعطينا ظلالا تدخل في نطاق الرسم الظلالي مكونة من خطوط ظاهرية على  المسطح المنحوت و تعطينا تدرجات ظلالية تدخل في حساب المنظور الفني للأشياء لترسم حولها اطر تباعد الكتل و تقاربها كلما أقترب منها الضوء .