بقلم : الدكتور سامي يوسف جركس
عندما يتحول الابطال الى أباطرة في زمن ما ..! ومن الحرية الى الاستبداد .! فما هو موقف الفنان و رأيه من أعماله الفنية التشكيلية السالفة التي كانت تعد رمزا للصمود لحرية النضال كمقاوم للظلم ..؟ و يصبح البطل في منزلة بين الخير و الشر و يتردى في هوة الشقاء لخطأ ارتكبه داخل المواقف المتطرفة ، وهو لا يعرف كيف يستمر و هو كبطل واقع في الشرك و كل بطل لن يكون شيئا سوى اختيار طريقة انقاذه . والفنان عندما يرسم جبانا فانه يبين أنه مسؤول عن جبنه فالجبان يصنع نفسه بجبن و البطل لا يعرف كيف يستمرببطولاته .
مثلا نجد هذه المفارقة في اللوحتين التاليتين للجيش الفرنسي .
– الاولى لوحة استشراقية رسمها الفنان الفرنسي “فارنت”Vernet تمثل معركة باسم (عبد القادر الجزائري16 آيار1843م ) تبين المجزرة التي قام بها الفرسان الفرنسيين في غزوهم لصحراء الجزائر، لشعب أعزل من السلاح ، لهو دليل على الاستبداد و الظلم لجرائم الحرب المرتكبة برسم الاستعمار.
– اللوحة الثانية لفنان مجهول عبارة عن لوحة استنساخية طباعية تمثل الجيش الفرنسي في غرب “فيتنام” في حرب “توكان” ، لمعركة ( لانك – كيب ) في تشرين الاول العام 1884 م .وما خلفته الحروب من مفاجع و بؤس بحق الانسانية .
أما الفنان الاسباني “فرانسيسكو غويا”( 1746-1828 )Francisco Goya والذي يعتبر من كبار عظماء الرسامين الأسبان ، نرى في لوحته المشهورة و المسماة “الثالث من شهر أيار1808” رسمها عام 1824 تجسيدا لحرب الثورة الاسبانية ، بطريقة “رومانتية” حيث يظهرفي اللوحة الاعدام الجماعي لعدد من المدنيين الاسبان على أيدي بعض الجنود الفرنسيين ، الذي كان يدعى ” جيش نابليون”. فقد قدم “غويا” في فنه صورا تموج بالدماء و المذابح ، متأثرا بالبيئة التي كان يعيش فيها و هي بيئة تحيط بها أهوال الحرب في اسبانيا .
ففي لوحة “غويا”التي تخضع كل من المنظور و الاضاءة هنا لقانون الحد الاقصى من الفعالية،فالاضواء و الظلال لا تنبع من أي مصدر طبيعي ، بما في ذلك المصباح الأشبه بعين تلقي نظرة على المشهد و تبرز بضوئها القاسي الشخوص الانسانية الحية المثخنة بالجراح، وتشد أنظارنا على الصدمة المأساوية ، ليضفي أقصى قدر عن هذه المذبحة و ما فيها من البؤس المتفجر في اللوحة .
فالرومانتية الشاملة مبينة في اللوحة كمحرك لعواطفنا فهي بمتناول الجميع بشكل مباشر و التي تفصح عن وجود الفنان المتفوق على تقلبات الاحداث و على المذبحة .
و نرى لوحة مذبحة بوسطن Boston Massacre للفنان الأمريكي “بول ريفري”(1735-1818) التي جسدها بعمل طباعي ، و تعود أسباب المذبحة التي سببتها الضريبة ، حيث أن السلطات التشريعية الاستعمارية البريطانية بدأت بتحصيل الضرائب بالمقاومة و القوة ، و في سنة 1768 أرسلت جنودها البريطانيين و أطلقوا النار بطريقة غوغائية على الشعب المحتشد بساحة مدينة بوسطن ، حيث قتلت و جرحت العدد الهائل منهم الذين كانوا يرمونها بالحجارة و كرات الثلج ، و دعيت “بمّذبحة بوسطن”.
ونرى لوحة الفنان الفرنسي “هنري روسو” (1844-1910) Henri Rousseau المسماة “الحرب” حيث قام “هنري روسو” ترجمة مشاعره كفنان بلغة تلقائية فطرية ساذجة،فهي تمتاز كونها لا تدخلها التعليمات المدرسية ولا المهارات و التعاليم الاكاديمية فهي تلقن على أنها السبيل الوحيد لايجاد التعبير . فاسلوبه “بالتعبيرية الساذجة”^ كمدرسة تشكيلية هو امتداد تلقائي طبيعي لرسوم الاطفال ولكن بمهارات أكثر دقة و تنتمي لعالم الكبار أكثر من انتمائها الى عالم الصغار ، و هي أقرب ما يسمى بالفن الشعبي .
وفي لوحته المسماة “الحرب” قام هنري روسو بتصوير حصان جامح يملأ اللوحة ، و جعل كل أعضائه ممتدة بما يوازي عرض اللوحة ، فالذيل يتجه الى أقصى اليسار ، و الرأس ممتدا الى أقصى اليمين ، بينما الفارسة تواجهنا بردائها الأبيض و في يدها اليمنى سيف مرفوع الى السماء، و تظهر الضحايا و هي تملأ الارض تأكلها الغربان السوداء ، و الشجر قاحل،و السحب حمراء ، و المرأة التي تمتطي الجواد تمسك بيدها اليسرى شعلة نار. لوحة واعية من الناحية التعبيرية بل تحمل بطولة تشبه بطولة”عنتر”و “شمشون”، و القصص الشعبية ذات البطولات الخارقة . و طلاقة اللوحة لا تقاس بتحقق قواعد أكاديمية، انما هي انبثاقة مباشرة، تبين هول “الحرب”و مصائبها وما تجلبه من هلاك و دمار .
فاللوحة وقد كتب تحتها ( انها رهيبة ، و حيثما حلت يحل اليأس و الدموع و الخراب)،فهي تجسد لنا بوحشية بشاعة الحرب و جرائمها، من هدم و تدمير و قتل و ابادة، انها لوحة هادفة، تستصرخ الافكار ، تستنجد الضمائر و تدين الاحقاد، و تستنكر القتل و الابادة ، باسلوب تعبيري يدل على فظاعة الحرب وويلاتها فيتراجع الانسان أمامها ، يحاسب النفس ، و يؤنب الضمير لكوارث اقترفت بحق البشرية، فينتزع الاحقاد من أعماق الانسان السوداء ، وينيرها ببريق من المحبة و السلام ، فاللوحة حل لتوتر يتجاوز حدود الطاقة .
^- التعبيرية الساذجة : مدرسة فنية تشكيلية تعنى الافصاح عن مشاعر الفنان بلغة تلقائيةتتمثل بالاشكال و الألوان و الأحجام و الأضواء و الظلال و عن قيمة فنية يحس بها الفنان ويريد أن ينقل من خلالها مشاعره الى الآخرين . و التعبيرية الساذجة هي انتقال للشحنة الداخلية عند الفنان الى الخارج كي يتأثر بها غيره و تمتاز بالفطرة و بالتعبيرات الساذجة ، و تكون بعيدة عن الدراسات الاكادمية نسبة لتأليف الموضوعات و طرح موضوعاتها ببساطة لايجاد التعبير بالصدق المباشر و عدم المواراة ، وهي كلها أمور تتميز بها تعبيرات فناني النزعة الساذجة .
و الجدير بالذكر أن “هنري روسو” و هو أحد قادتها ، و كان يسلي نفسه وقت فراغه برسم المناظر الطبيعية ، و أخذه الحماس لأن يسترسل في هوايته أيام الآحاد من كل اسبوع ، حتى لقب و من كانوا معه “بفناني أيام ألآحاد” و أخذ النقاد يشيرون اليهم بهذا اللقب .
و نرى نتاج الحرب العالمية الثانية في جعبة الفنون التشكيلية على يد الفنان الاسباني”بابلو بيكاسو” (1881–1973) Pablo Picasso في لوحته المشهورة ” كورنيكا” التي أنجزها عام 1936 و هي تمثل كابوسا مزعجا تمثل الحرب و مصائبها في اسبانيا ، فرأس الثور يمثل وحشية النازيين الفاشيس الذين كانوا يلقون بقنابلهم على المدينة دون شفقة أو رحمة ، أما الحصان فهو رمز و شعار لأرض اسبانيا الجريحة حتى الموت ،و أما الرأس التي تصرخ ، و الذراع الذي يحمل المصباح ، فيرمزان الى الضمير العالمي الانساني الذي يلقي ضؤا على المناظر المرعبة ، ليلوم البشرية على ما اقترفت يداها من اثم . في هذه اللوحة تتميز الخطوط بالانفعالات ولا سيما توزيع الأبيض و الأسود ، وتمكن “بيكاسو من صياغة تجربته الفلسفية ، مصورا غرضا تراجيديا مأسويا .
حتى أن البعض رأى في هذه اللوحة و لوحة ثانية “مجزرة كوريا” و القنبلة ألذرية الاميركية على مدينة “هيروشيما”، احتجاجا صارخا ضد الحروب الحديثة الفتاكة و تنبؤا ضد الحروب النووية التي شأنها أن تزيل معالم الحضارة الانسانية .
و عودة الى لوحة”كورنيكا” لنرى أن استخدام “بيكاسو” كدافع هجوم طيران “هتلر”و ” فرانكو” على مدينة “جرنيكا” الصغيرة في اقليم ” بسكاي” يوم 28 نيسان 1937 ، موضوعا للوحته دون أن يحكي الاحداث ، بل أنه استبعد من لوحته كل رواية ولم يتلخص سوى الاهانة التي توجهها الفاشية للانسان . وقدم مايشبه الاسطورة لعصرنا في لوحته ” الكورنيكا” .
كان لا بد و أن تكون الألوان آلاما و أن يكون الخط أهوالا أو غضبا ، و أن تكون السيطرة كاملة على التكوين ، حتى يصبح العمل برمته ادانة و صرخة يطلقها الانسان بالدراما و المأساة.
كرد فعل لهجوم الطيران النازي بالقنابل المدمرة ، ( وبالمقارنة كأنها تمثل تعبيرا للادانة على المجزرة التي ارتكبها طيران العدو الصهيوني الاسرائيلي بحق الجنوب اللبناني و لبلدة “قانا” الصغيرة و لمرتين متتاليتين ) . وتعد هذه اللوحة من أثمن ما أنتج من حيث أهميتها و عظمتها بالنسبة لحرية النضال في الفكرالتشكيلي الفني الحديث.
و اللوحة مشهد لمذبحة بالمعنى الحقيقي للكلمة الذي تسكبه النظرة الثابتة المخيفة على الاشياء و الاشلاء الممزقة و المشوهة تختلط ببشاعة الاشكال الانسانية بالاشكال الحيوانية ، وصرخة المرأة رمز عالمي لآلام الانسان و ينطبق أيضا على صرخة الاحتضار التي تطلقها المرأة و قد اختلطت عيناها بالدموع ، و الخلفية بلون الرماد و الكفن و الكابوس تعبيرا عن الصدمة المأساوية الكبرى و الألم و البؤس المتفجر من اللوحة و من الخطأ أن نقول ان هذا العمل و أمثاله لا يصل الى مدارك الجماهير.
طغت القتامة على ألوان الفنان “بيكاسو” مع نشوب الحرب الاسبانية تماما و يبدو أن العالم بدأ يعاني من التقلصات و يتفكك مع تصاعد قوى الفاشية و الحرب . و تشهد لوحات و رسومات “بيكاسو” على هذا التقلص و على ذلك العالم الممزق و على البشرية المشوهة بعد تجريدها من الانسانية باسلوب “تكعيبي”^.
^- التكعيبية Cubism : و يطلق عليها المدرسة التكعيبية فهي في الاصل حركة فنية ثورية ، قادها “بيكاسو” و “براك” و من مقوماتها تسجيل ما تراه العين و اظهار جوهر الاشياء عن طريق الاشكال الاسلوبية و الرموز باظهار واجهات مختلفة لشيء في بعد واحد ، و قد وضع كل جانب بجوار الآخر مع تكرار للأشكال و اللجوء الى لغة الاشارات و العلامات البصرية ، و بمعنى آخر ” تكسير صور المجتمع و اعادة تركيبها من جديد بأسلوب يتميز بشكله العام بالهندسي “.
يقول “جون ديوي”:-( ان البصيرة أغنى و أدق من البصر،وذلك أن لها نفحة هائلة جذابة من المضامين، التي يفتقر اليها البصر ، فالبصيرة ثمرة لخبرة خصبة مليئة). فللمشاهد العابر عينان ، لكنه لا يرى بهما على نحو ثاقب وواضح ، رغم تعرضه للعديد من التأثيرات في الأثر الفني التي تحفز على التفكير و التخيل . فالبصرعند المشاهد حاسة أساسية تشعر بلذة الأثر الفني ظاهريا .
أما في لوحة “الحرب” للفنان “سلفادور دالي(1904-…)”Salvador Dali التي رسمت عام 1939، بأسلوب “سريالي”^ نري فيها اوزة كبيرة قابعة في مقدمة اللوحة ، و قد انشقت بطنها و لوت رقبتها ، و ثمة سفينة لم يبق منها سوى هيكل خشبي متداع ، وجبل قد فتحت فيه فوهة عميقة ، و أغصان شجرة جرداء ، وهناك لهيب يتطاير في السماء وكل شيء مرعب و مفزع و رهيب.وفي هذه الصورة اخترع مادة تعبيرية يقاسي منها الانسان حين يشاهدها، لذلك فهي تحمل بحق تحذيرا للمشاهد بتلك الآثار المدمرة التي تنتهي اليها أي “حرب”.
يعتبر “سلفادور دالي” من الشخصيات البارزة في الحركة السريالية و اسلوبه في اخراج رموزه التي يستخدمها، تجد أنه يحيل الاجسام الى مادة مطاطية ، و أحيانا هلامية الشكل ، ويثنيها يمينا و يسارا، و يطورها لتختلط بالسحب أو بأي مضامين أخرى ونرى في لوحته “الحرب” أنه يشكل الاشكال و الاحجام الممتدة و يحولها الى أشلاء شبه منصهرة في جو من آثار الدمار ، و ذلك كي ينبه الجنس البشري الى آثار الخراب نتيجة غدر الانسان بأخيه الانسان .
ويدور التساؤل حول انتاج سلفادور دالي فيما اذا كان من وحي اللاشعور أو أن رموزه من بنات أفكاره ، حيث أنها حين تتحول الى الواقع البصري تقل فيها نفحة اللاشعور ، على حساب الصقل و التقنية الزائدة و التي لا تتم الا بعقلية واعية .و الذي سماه “فتوغرافية” من صنع الانسان .
^- السريالية : مدرسة نشأت في فرنسا عام 1920 و تعد تطويرا “للدادائية” و تستهدف اظهار الجوانب اللاشعورية في الانسان على ان يسير العمل الفني في خط معاكس للمنطق ، و الفن “السريالي عامة” هو كشف اللاشعور في النفس ، وترى الظواهر البصرية الخارجية لا تشكل سوى خمس الحقيقة و الاربع الاخماس الباقية كامنة في اللاشعور و أحلام اليقظة و هذه الطروحات ساعد في طرحها الناقد “أندريه بريتون” .فأكثر الفنانين “السرياليين” و على رأسهم “سلفادور دالي” اخترعوا و ابتكروا الرموز تفسير للافكار و أعتمدوا على التلقائية و الصدفة و الخواطر العابرة .
أما في المكسيك فان البيئة و النمو القومي لهما تأثيرهما الخاص في الفن المكسيكي المعاصر الذي كان مرتبطا بالتحرك و المعناة لتحقيق الحقوق الديمقراطية و كانت الفنون عبارة عن غرس نوع من الاحساس بالتاريخ و الوحدة الوطنية و اشتملت على مواضيع الاستعمار الاسباني و حياة الشعب المكسيكي تحت حكم الاسبان ، وكل الصراعات المضادة للفوضى و الديكتاتورية .
و تشارك الفلسفة موضوعاتها و اسلوبها مشاركة فعالة ، تأخذ منها بقدر ما تعطيها وسط تيار الحياة الذي يجري ،على ما نرى ، بين أخذ و عطاء ، في ركب حضارة الانسان . و اذا كان هذا التطرق الى أثار الفن مرتديا الطابع الثوري الذي أعطى الاسلوب شيئا من عمق العاطفة و توثب الخيال و قوة الوجدان ، هذه الخصائص و المميزات التي تعرف بها عادة كل الفنون ، فاننا يجب ان ندرك أيضا ان تطرق الفكر الثوري الى الفنون هو بدوره يجعل طابع الفكرو المنطق و العقل في طليعة الاسلوب للواقعية الاجتماعية .
ومن بين الفنانين الكثيرين في هذه الحركة برز “دافيد الفاروسيكيروس”(1974- 1896)David Alfaro Siqueiros ، واحد من أهم قادة الحركة التشكيلية في المكسيك وكان اهتمامه بمتاعب الناس و مآسيهم في أنحاء العالم ، وقد عاش الفنان رعب الحروب ومآسيها كخبرة مباشرة حينما كان صبيا لم يجاوز الستة عشر من عمره ، حيث كان يعمل كقارع طبل في الثورة المكسيكية ، و قد وصل الى رتبة ضابط في النهاية . و نرى لوحته “يوم الحرية” بأسلوب “الواقعية اللاجتماعية” ^ أنتجها عام 1945.
وهي تصور امرأة ترمز للحرية في حالة اصرار تحطم السلاسل و القيود، ولها أيد متعددة قابضة على السلاسل المثقلة بكرات من الحديد، بينما يظهر الجندي الممثل للقيود و قد سقط في ثبات على الارض ، في حين أن المرأة التي ترمز للحرية تنطلق من عقالها الى الامام ، وهي تئن في صراعها للمقاومة لوحة تتميز بالالوان الصاخبة مليئة بالاصفرار و الأحمرار ، والاضواء موزعة بما يخدم الوحة.
أعطى “سيكيروس” في تجسيده للوحة “يوم الحرية”و للواقع الاجتماعي قوة مبالغ فيها و التي تعد من أهم مميزاته الفنية في القرن العشرين .
^- الواقعية الاجتماعية : تعنى هذه المدرسة التشكيلية بنقل ألآلام الانسانية في الشارع لاعطاء المعاني التي تتضمنها الثورة حيث كانت انطلاقتها من المكسيك وواضحا بين مجتمعاتها التي حققت قدرا من الحرية للمواطن ، و سددت كثيرا من حاجاته المعيشية، فكون هذة المدرسة قد حققت تجسيدا للظواهر الاجتماعية ، وتتطلعت الى صورة لمجتمع أفضل ، ينشد العدالةالى تحديد المسار نحو عدالة اجتماعية أفضل ، متحررة من سيطرة المستعمرين ، و المحتكرين و الرأسماليين . و الواقعية الاجتماعية هي التي تكشف عن فردية البشر و تشابههم مع الآخرين و ينتج شعور المشاركة بين الناس ، فهو فن تعليمي و الموضوع الحقيقي ابراز مشاعر الناس للفن و يحدد الانسان كموضوع من المواضيع الانسانية التي لا بد ان يشملها التآليف في لرسوم و اللوحات ، و تسخير الفن لخدمة الجمهور.
و نرى لوحة اخرى للواقعية الاجتماعية المتمثلة بلوحة تدعى “شيلي” للرسامين البلغاريين لـ “كاباكتشيف”وفاسيليف” ،
كصرخة احتجاج و دفق وجدان غاضب للجريمة النكراء التي اقترفها حثالات المجتمع الشيلي حين تسلطت على مقاليد الحكم بدفع اعداء الانسان و التقدم ، فأبادت المفكرين و المصلحين و الاحرار . و الواقعية الاجتماعية تتأرجح هنا بين الفن و الأدب على انهما نقل للواقع و بين الدعوة الى أن يكون الفن و الادب نقلا عن هذا الواقع . و هي القاعدة الفنية لكل ابداع قيم و تعتمد على الوعي بالمصير، باعتبار أن هذا الوعي أرقى أشكال الحرية .