دوار آل مستجاب – للكاتب محمد مستجاب


دوار آل مستجاب

هروبًا أو خروجًا على حالة وجع القلب والرأس التي نعاني منها نحن «أمة آل مستجاب»، بعد رحيل «عمدتنا مستجاب»، توجهنا بناء على توصياته ورموزه التي تركها في كتاباته وقصصه ورواياته، إلى أحد «جحور» مدينة السادس من أكتوبر، تاركين خلفنا مدينة «القاهرة» الضاغطة المزدحمة الخانقة، وبعد اجتماعات ولقاءات عدة في جامعة «آل مستجاب»، وبناء على التعليمات والتوصيات التي أفرزتها تلك اللقاءات، فإننا قد تحركنا من دون توجيهات سياسية أو مادية أو حزبية، لنبدأ العمل في إنشاء شيء لم يسبقنا فيه أحد، جلسنا شهورًا وساعات نفكر ونخطط ونرسم ونلقي ما تفرزه قرائحنا وعقولنا في النيران حتى لا نعود إليه مرة أخرى، حتى داهمنا «مستجاب ذاته»، بشيء ما، وعلى الفور بدأنا في العمل لإنشاء «دوار» والذي بحثنا عنه في الموسوعة العربية، فوجدناه مركز عمدة القرية وزعيمها، ومن أهم مشتملاته غرفة استقبال فسيحة «مندرة»، وأخرى للسلاح، «سلاحليك» وأخرى للتليفون، ولأننا تخطينا الألفية الحديثة ببضع سنوات، فلم تكن تلك الأساسيات والبديهيات مناسبة لهذا العصر ولكني بالفعل أنشأت «دوارًا» تستوعب غرفة استقباله الفسيحة مكتبة ضخمة، وعلى جدرانها تم تعليق جميع الشهادات التقديرية وتتوسطها جائزتا الدولة التشجيعية والتقديرية، ووسام الدولة من الطبقة الأولى للفنون والعلوم ودروع التكريم، التي نالها «عمدتنا مستجاب»، مع إنشاء «منصة» في صدر القاعة لمقتنياته وأقلامه وأوراقه وعلبة سجائره وفرشاة أسنانه وماكينات الحلاقة وعلب العلاج، وفي الغرفة الأخرى المخصصة للسلاح، تركناه، فلسنا في احتياج إليه الآن – وإن كنا نحرص على إخفائه في مكان ما لوقت اللزوم – وتم وضع الكتب التي أبدعها «مستجاب» ومقالاته وصوره وقصصه وحكاياته. ولكي تعبر هذه الغرفة عن رحلة حياته منذ الطفولة حتى رحيله، وخلفيتها الخريطة العربية الكبيرة التي تم وضعها على جدار الغرفة، أما الغرفة الثالثة فقد خصصت للكمبيوتر والإنترنت والفرز والجمع والتحرير «ورشة عمل» حيث يتم مراجعة مخطوطات أعماله، وروايات وقصص قصيرة لم تنشر بعد، ونحن في سبيلنا لإصدار مجموعة من الكتب مثل كتاب العربي وكتاب الهلال، وتصدر قريبًا رواية تحمل تاريخه الشخصي وذلك قبل الانتهاء من جمع أعماله كاملة.

وبنظرة متأنية لما يدور حولنا، أعددنا «الدوار» بما يتناسب مع الحياة العصرية، حيث إنه بيت كبير العائلة والذي يستخدم في المناسبات ذات الشأن العام: الضيافة والعزاء والأفراح، يحوط الدوار جميع تقاليد التواصل العائلي والثقافي، وهي محاولة منا نحن «آل مستجاب» لكي نعيد للدوار معناه الأصيل الدافئ الذي يدرك قيمته الإنسانية أبناء «آل مستجاب» في صعيد مصر، أو قاهرة المعز، أو الوجه البحري وإسكندرية الإسكندر، أو المنتشرون في الأقطار العربية، أو خلف البحار والمحيطات، وقد حاولنا بكل ما نملك «ومن دون أي تمويل أو مساعدات خارجية» حتى لا نقع فريسة للضغط أو للتوجيهات غير المحسوبة، أنشأنا «الدوار» سعيًا لتنمية الكنز الأخلاقي والإبداعي والتربوي لمحمد مستجاب، ولنعيد من خلال الدوار وجوانبه، بما يحتويه من دفء وأصالة، الفطرة الطبيعية والسليقة الذكية الساخرة لمحمد مستجاب.

وسوف نكون سعداء عندما تشعرون في «الدوار» أن مكتبة «محمد مستجاب» ولوحاته هي التي تستقبلكم وتستضيفكم وترحب بكم، وسوف تجدون شيئًا من الكتب الأثيرة ذات الأهمية، لتشعروا بأن مكتبة الدوار، هي النافذة الحقيقية التي تنظرون منها على عالم «مستجاب».

محمد محمد مستجاب