بقلم آلاء نجم
يقع حاليا داخل حرم دار الأوبرا المصرية بأرض الجزيرة – الزمالك- القاهرة .
إنه من أهم و أبرز المتاحف فى مصر حيث يرجع بناءه إلى ثمانين عاما تقريبا ، كما يضم أعمال فنية متميزة بداية من التأثيرين الأوربيين فى نهاية القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا .
فهو بمثابة دار أو صرح كبير يضم أروع الأعمال الفنية من مختلف الأجيال و مختلف الحقب الزمنية .
نشأة المتحف :
كانت فكرة إنشاء متحف يضم روائع الفنون من وجهة نظر محمد محمود خليل فكرة ملحة و ضرورية و فى عام 1927نجح محمود خليل فى إقناع السراى بإصدار مرسوم ملكى بتشكيل لجنة استشارية لرعاية الفنون الجميلة
و أوصت اللجنة بإنشاء متحف الفن الحديث بالقاهرة حيث يضم مقتنيات وزارة المعارف مما تقتنيه من صالون القاهرة السنوى الذى تنظمه جمعية محبى الفنون الجميلة .
و فى نفس العام تم تجميع الأعمال الفنية التى تم أقتنائها من صالون القاهرة فى قاعة صغيرة بمقر جمعية محبى الفنون الجميلة بشارع الجمهورية حاليا و أضيفت إلى هذه المجموعة المحدودة بضع لوحات و تماثيل ثم أنتقلت إلى موقع متحف الشمع الذى أنشأه فؤاد عبد الملك سكرتير جمعية محبى الفنون الجميلة ليصبح أول مبنى يحمل أسم متحف الفن الحديث بمصر .
و فى الفترة من1927 حتى 1935 قد بلغ عدد الأعمال الفنية المقتناه للمتحف 51 لوحة تصويرية لفنانين مصريين
وثلاثة تماثيل للفنان محمود مختار و 63 لوحة لفنانين أجانب مقيمين فى مصر .
و فى 8 فبراير أوكل إلى إدارة الفنون الجميلة إعادة تنظيم المتحف و نشر أول دليل للمتحف حيث كان يضم 584 عملا فنيا ، و فو عام 1935 صدر دليل آخر للمتحف و كان يضم 224 صفحة منها 82 صورة مختارة من مقتنيات المتحف و قد طبع باللغة العربية و الفرنسية ثم نقلت وزارة المعارف المتحف إلى مقر أخر فى شارع البستان
و ذلك فى فبراير 1963 .
ثم انتقل المتحف بعد ذلك إلى قصر الكونت “زغيب” بجوار قصر هدى شعراوى فى شارع قصر النيل ،
و شغل المتحف 44 غرفة من القصر بالأضافة إلى المدخل و الممرات .
فى عام 1963 أغلق المتحف حيث تم هدم مبناه العريق و المكتبة الملحقة به ، و فى عام 1966أنتقلت المجموعة المصرية من مقتنيات المتحف إلى مقر مؤقتفى فيلا إسماعيل أبو الفتوح “ميدان السد العالى حاليا” بينما أنتقلت أعمال الأجانب إلى متحف الجزيرة للفنون الذى سرعان ما أغلق لسوء حالته .
و فى عام 1983 تم تخصيص سراى 4 فى ساحة الأوبرا الجديدة لتكون مقر جديد و دائم لمتحف الفن الحديث .
للمبنى واجهة مستطيلة بها أربعة أعمدة تحدها ثلاث نوافذ معقودة ضخمة ، و ثلاث مستطيلة و على جانبى البوابة برجان يؤدى إليها منحدر وصفان من السلالم الجرانيتية و على جانبيها ساحتان كبيرتان للعروض النحتية و أخرى للجلوس و التأمل .
و قد كشف المتحف عن ثغرات كبيرة فى حسن التنظيم و التوثيق و التوصيف و حسن الرصد العلمى لكل عمل فنى يقوم المتحف بأقتنائه المتحف و هذا الأمر أستوجب من الدكتور أحمد نوار “رئيس القطاع الفنون التشكيلية ” بتشكيل لجنة دائمة تتولى أعباء تلك المهمام و تطوير دوره و أدائه تجاه المجتمع .
و كان الأجتماع الأول للجنة العليا لمتحف الفن الحديث فى السبت الموافق 15 سبتمبر 2001 .
و بعد أفتتاح المتحف رسميا فى عام 1991 كان يبدأ العرض دائما بالرواد ثم من يليهم أقل عمرا بصرف النظر عن فكرة الخيارات و الأنتقاء بين الأفضل فى الأعمال و الأكثر ملائمة و دون الألتفات لفكر الزائر و من ناحية ثانية فإن ما يواجه الزائر عقب دخوله للمتحف هى لوحات آباء المدرسة الأكاديمية و الأنطباعية المصرية من أمثال أحمد صبرى و محمد ناجى و يوسف كامل و محمد حسن و حبيب جورجى مضافا إلى ذلك آباء المدرسة التعبيرية المصرية محمود مختار و محمود سعيد و راغب عياد .
ظل الوضع هكذا تقليديا منذ حقب عديدة دون تغير أو تبديل إلى أن جاء دور اللجنة فى تغير فلسفة العرض و إعادة صياغة العرض المتحفى و من بين أهداف اللجنة تحقيق عوامل الجذب للزائر لمواصلة المتعة الجمالية للمتحف .
و من هنا تم أنتقاء مجموعة من الفنانين يمثل إنتاجهم شريحة حية للربع الأخير من القرن العشرين و ما بعده
و قد جرى هذا الأنتقاء الصعب لعدد 94 فنانا .
خصصت الشرفات الثلاثة فى الدور الأرضى لمجموعة الرواد الأوائل فعندما يعبر الزائر باب الدخول يقابل أعمال ستة رواد حركة الفن المصرى منذ بداية القرن العشرين .
و فى الشرفة المواجهة لباب الدخول نتقابل مع أعمال الفنان محمد ناجى و محمود سعيد و راغب عياد ، و أما الشرفة الواقعة على يسار الداخل فقد خصصت لكل من محمد حسن و يوسف كامل و أحمد لطفى و على الأهوانى و جورج صباغ .
و أما الشرفات الثلاثة الأخيرة بالطابق الثانى فقد خصصتها اللجنة لمن أطلق عليهم “علامات فى حركة الفن المصرى الحديث” و فى الحقيقة هو بمثابة الأعمدة الأساسية لبناء فن جديد بعد مجموعة الرواد .
و ضمت هذه الشرفات الثلاثة أعمالا لستة عشر فنانا تم أنتقائهم بعناية شديدة طبقا لمبادرتهم فى كسر القوالب التقليدية و أقتحامهم لتجارب فنية جديدة و كانت سببا فى إشاعة نهضة و أثر ملحوظ فى مسار الحركة الفنية .
و الفنانين هم :- حمدى خميس و رمسيس يونان و فؤاد كامل و عفت ناجى و منير كنعان و سمير رافع وحامد ندى
و أحمد ماهر رائف و تحية حليم و يوسف سيده و سيد عبد الرسول و جاذبية سرى و سيف وانلى و عبدالهادى الجزار و سعد الخادم .
و قد بدأ ترتيب مجموعات تبدأ من على يمين الداخل من الدور فوق الأرضى لمن ولدوا لأواخر القرن التاسع عشر
و حتى 1905 ثم لمن ولدوا من عام 1906 و حتى 1920 ثم لمن وللدوا عام 1921 و حتى 1931 .
ثم فى قاعات العرض بالدور الثانى يتواصل الترتيب الزمنى لمن ولدوا عام 1932 و حتى 1953
ثم أخيرا لمن ولدوا بعد 1954 حتى جيل الشباب .
أستحداث قاعات و منظومات ثقافية جديدة :-
لقد قامت اللجنة الدائمة باستحداث ثلاث قاعات هامة داخل المتحف لتفعيل و تنشيط الحركة الثقافية ، و من أهم ما عملت عليه تلك القاعات هو ربط الجمهور بالمتحف و كيفية خلق المناخ لباحث الفن .
قاعة جاليرى أبعاد :
و تكون مهمتها عقد حوار دائم حول أعمال الفنانين 1- الذين لم يحصلوا على ما يستحقونه من التقدير و الشهرة .
2- الكشف التحليلى لأعمال تشخيصية تتضمن أساليبا تجريدية أو مفهوما تجريديا .
و بدأت اللجنة بوضع 24 فنان لمناقشة أعمالهم فى قاعة أبعاد .
إن قاعة أبعاد ستكون هى مركز العمل الثقافى داخل متحف الفن الحديث و سوف تتوالى الندوات الثقافية .
قاعة الصوتيات و المرئيات :
و هى قاعة تعيد إلى الأذهان مرة أخرى دور متحف الفن الحديث فى خلق المتذوق الذى تضم ثقافته عديدا من المعارف مما يساعده على تلقى أعمال الفن أينما كانت .
فن عمليات الأستمتاع إلى موسيقى رفيعة و إلى محاضرات نادرة منقولة من مواقع فنية هامة فى العالم هى مهمة
تلك القاعة عن طريق فيديو أو سينما أو لى غير ذلك .
قاعة الجماعات الفنية :
و هى قاعة عرض استحدثتها اللجنة أستكمالا للأفكار التى طرحتها و دعوة إلى الرصد و التصنيف و التأريخ و التحليل و ربما التقيد أيضا .
إن منهج هذه القاعة هو إعطاء المشاهد صورة مادية واقعية لتجارب حركة الفن المصرى الحديث من خلال تكوين و تشكيل جماعات فنية على طول القرن العشرين .
و سوف نتحدث بأستفاضة أكثر عن كل من الجماعات الفنية التى تعرض أعمالها فى تلك القاعة .