المرأة تغوص في الكنبة التي هي أرض لجسدها. والكنبة، بمسندها الخلفي وجوانبها تكاد تكون حفرة لهذه الكتلة الفادحة في لحظتها الإنسانية العاجزة.
اللون السائد في اللوحة مشتق من لون الجسد نفسه، فلا حاجة لأي بهرج دخيل. واللوحة، بسبب لونها، أصبحت جسدا يحتوي جسدا.
ثمة زاويتان متقابلتان جعلتا التصميم الأساسي للمنظر (الكنبة التي ترقد عليها المرأة) شريطا جانحا يعارض في حركيته سكونيةَ الجسد المرمي على الكنبة، والزاويتان تفتحان كتلة اللحم المصمتة على الخارج وتنقذان المنظر من مركزيته الدائخة:
في الزاوية السفلى خشب أرضية المكان بخطوطه التي تسحب العين إلى الاتجاه الذي تسيل عليه نظرة المرأة وحركة جسمها. وفي العليا قدمان ثقيلتا اللون والوزن تسحبان العين إلى الأعلى كي لا تنزلق نهائيا إلى الأسفل. الجسد إذن واقع في منطقة أرجحة بين كفتي ميزان بصري حساس.
العري الساكن محاط بحركة.
لو وصّلنا كل زاويتين متقابلتين بخط مستقيم، يصبح رحم المرأة في نقطة التقاء الخطين، أي منتصف اللوحة تماما. الرحم هو مركز اللوحة كما هو مركز الوجود.
القدمان القلقتان في الأعلى أضافتا إلى الموضوع ـ والفن لا يحكي حواديت ـ حكاية جانبية: أهو الرسام يدور حول الموديل بحثا عن زاوية وحشية أبلغ أو عن لحظة كشف؟
لم يصور الفنان المرأة كي ينقل جسدها من فراغ الواقع إلى قماش الوهم. في حركته القلقة حول نموذجه، يمزق الفنان ما أنجزه بالفعل. ما أنجزه يتركه لأعيننا نحن ولم يعد يهمّه هو. أصبح ماضيا بالنسبة له، وعليه أن ينظر إلى اليأس المترامي أمام حدسه.
الرسام يفشل في الإمساك بالواقع ـ لا شيء هارب كالواقع ـ لكنه يحوّل يأس العتامة إلى شكل.
الرسام أعطى الغامضَ شكلا، والشكل ـ كالجسد ـ لا ينفتح على سره أبدا. يصور الفنان ظلا لهذا الغموض ويتركه لنا في صورة جسد عارٍ من أي شيء إلا نفسه… بينما يدور هو محموما بحثا عن ظل آخر!
يوسف ليمود
Lucian Freud لوسيان فرويد