Home | فنون جميله | صالون الخريف الفرنسي والفنانين العرب

صالون الخريف الفرنسي والفنانين العرب

للأسف، إن البعض من البشر يقضي حياته في إستبدال أقنعة باهتة ومستهلكة وقد لجأ لغير ملجأ وإستظل بغير ظل، أفنى بها وقته وبدد معها جهده وخسر حياته ولم يكسب إلا صراعات هزلية.
وآخر قد جنّد نفسه لخدمة الآخرين، والإشكالية في هذا القناع أن صاحبه لا يرى نفسه ويمضي حياته في خدمة الآخرين وقضاء حوائجهم.
وهناك أيضا من يرون أنفسهم ملائكة مطهرين منزهين عن الأخطاء ولا تجدهم يترددون عن تحميل الآخر مسؤولية أخطائهم وأوزارهم والتفنن في
تصميم شماعات لكل موقف هان عليه مجهود الآخر وسمعته.
هذا الأخير الملائكي المنزه عن الخطأ .. يرى نفسه وحيد دهره وفريد زمانه، فقيهاً وناقداً وعالماً ومحللاً ومستشاراً وتربوياٌ، ولا يتردد عن الإفتاء في كل موضوع. ويمتد علمه باعتقاده أنه قادر على معرفة ما يفكر به الآخر وما الذي سيفعله في المستقبل القريب!!

لقد طرحت هذا الموضوع لعدد من الأسباب وأخص بها هنا ما يحدث للأدب والفن بصفه عامه وللفنون التشكيلية بصفة خاصة. فلابد أن أقف وقفة عند هذا الملتقى الذي يقام في باريس على شرف هؤلاء الفنانين التشكيليين والأدباء سواء من مصر أو بلاد عربية أو أجنبية أخرى. إن ما حدث فى السنوات الماضية فى صالون الخريف (باريس) يجب أن يعاد النظر فيه. وبالخصوص لتوضيح معالم هذا الصالون لكل من يرغب في المشاركة:

أولا: الصالون هو واحد من مئات الإحتفاليات الفنية الفرنسية والمشاركة فيه ليست بها واسطة أو محسوبية أو عن طريق منظمة معينة أو جمعية أو وكيل أو فرد. فهي حرية وحق شخصي لكل فنان يريد عرض إبداعه التشكيلي أو الأدبي وذلك عن طريق الموقع الخاص بالصالون على الإنترنت وبإشتراك رمزي بسيط للغاية ويختلف مقداره من عام لآخر.

المصيبة هو ما قد حدث فى العامين الماضيين وربما يحدث مرات عديدة إن لم نقف ونوضح الصورة الكاملة. كنت أحد المشاركين في تنظيم الصالون للمجموعة العربية. وكانت مهزلة بكل المقاييس من إهانة وإنتهازية وغش للفنانين العرب أجمعهم وحتى منهم من لم يتعرف على كم الإهانات التي لاقاها لأنها لم تصل إليهم في وقتها.
فكل فنان حضر الصالون في الأعوام الماضية قد أتى على حسابه الشخصي بكل نفقات الإقامة من طعام وتنقل وهذا ليس عليه أي خلاف .. فالمئات من الإحتفاليات الفنية التشكيلية في باريس تتم على نظام تجاري بحت، والصالون هو أحد هذه الإحتفاليات. فقد حجزت الفنادق للبعض وتولى الصالون مصاريف البعض الآخر. في حين أنهم دفعوا هذا مسبقا.
فأين ذهبت هذه المدفوعات؟ هل ذهبت للفنانين أم تبرع بها لأحد الجمعيات أو المؤسسات الفنية؟
السؤال مازال مطروحا للقارئ وليس إتهاما لأحد.

هذا ليس فقط، بل قد تم مطالبتهم بإشتراك آخر غير ما طلبه الصالون (ومرة أخرى هو إشتراك رمزي جدا) وقد تم وضعه في حساب خاص لمنسق المهرجان. ثم المهزلة الكبرى والتي كانت “النخلة” التي قصمت ظهر البعير وأشعلت الضوء على ما يجري من نصب، ألا وهو إستغلال العضو المنتدب لبعض الفنانين العرب للكسب الغير مشروع والتلاعب بأحلام فنانين صغار. لذلك لن ترى أحدهم قد يأتي إلى الصالون مرة أخرى فقد فهموا اللعبة.
ثم تاتي الإنتهازية إلى ذروتها في آخر أيام الصالون بأن يقوم “قوميسير الصالون المنتدب لتنظيم المجموعة العربية وهو عربي” بطلب تبرع بلوحة من كل فنان إلى “جمعية تواصل” وهي جمعية مزعومة ليس لها في الأصل أي نشاط أو تواجد إلا ورقيا وليس لها مقر.

فهذا التبرع وإن كان عن طيب خاطر من بعض الفنانين أو عدم علم الآخرين ببواطن الأمور أو سذاجة القلة منهم. فذلك هو قمة عدم المصداقية والتلاعب في التعاون مع هؤلاء المبدعين الذين شاركوا فى المهرجان. فبدلا من فتح أبواب صالات العرض في باريس والتي لايعلم عنها (هو) سوى أسماءها فقط.

ومن هنا أحب أن أوضح أمور أخرى (يمكن أن تظهر أنها شخصية نوعا ما لكنها أساسية في الجوهر)
أقول للمندوب العربي هذا .. أية فنان أنت تزعم. وأية دكتوراة من السوربون. فمن حصل على شهادة “دكتوراه من السوربون” (وتحتها عشرين خط) يستطيع التحدث وكتابة الفرنسية بطلاقة (وهذه من شروط هذا الصرح العلمي). لماذا كل هذا الاستغلال لكل مبدع وعلى رئيسهم الفنان القدير العظيم سعد الكعبي عندما أطلقت عليه هجوم من الأكاذيب؟ ولماذا ايضا استغللته ماديا؟ وبدون ذكر المبالغ.
وأين اللوحات التي تبرع بها بقية الفنانين؟ وماذا فعلت بها؟
فقد شاهدته يلهث خلف مسؤولين لكي بصل إلى ما يريد بغش وخداع من وثقوا في إسمه وإسم الصالون حين كتب عنك بعض المنتفعين إعلامياً.
أنا لا أشن علي شخصه هجوما ولا أذكر إسمه هنا وهناك .. بل أنا فقط أوضح للآخرين الموهومين تفاصيل الأمور.

فعلينا نفيق من غفلة الإستهبال والإستغلال لفنانينا من شخص يروه أنه فنان ودكتور ونائب رئيس صالون وأين في باريس .. عاصمة النور والفن.
العام الماضي كرم نفسه بجائزة مادية من الصالون وفي اليوم التالي سحبت منه. فلماذا سحبت؟

صالون الخريف ما هو إلا ساحة عبادة لكل فنان حر يرغب بالاشتراك فيه. وأنا اعرف مسؤولين الصالون ومدى حبهم للفن وخصوصا اذا كان الفنان من بلد عربي.ومن ضمن أكاذيبه أنه نائب رئيس الصالون وهذا إدعاء كاذب انما هو فقط عضوا غير فعال (منتدب فقط للتعامل مع الفنانين العرب) وهذا ليس به عيب، لكن العيب أن يظهر صورته أكبر من حقيقتها لجذب أنظار من يبهروا باللقب والمنصب.

لا أحد يمكن أن يهاجم نجاح فنان عربي (صادق مع نفسه ومع الآخرين) في بلاد الغرب المتقدمة ولسنا حاقدين على على من صدق فنحن نتشرف بأسماء هؤلاء في كل مهجر. وبعد هذه الاسئلة التي طرحتها سابقا يبقى سؤال إجابته تتضح من نص السؤال نفسه. عندما أقيم مهرجان بينالي الثقافية “ثورة وتلاحم”. سمعت أنه قال في لقاء مع صحفي:
“إن الحكومة الفرنسية منعت راتبه ثلاث أشهر بناء على مشاركته بالثورة المصرية.”
أنا مقيمة في فرنسا لأكثر من عقدين وأعرف تماما نظام الوظائف الحكومية. فهل يعقل ذلك أن يتم فى بلد الحرية والثقافة والإبداع؟ لكن الأهم من قطع المرتب. ما هى الوظيفه التى يشغلها في الحكومة الفرنسية؟
فمنذ ان وطأت قداماه الأرض الفرنسية لم يشغل أي وظيفة ولم يمتهن أي عمل يكسب منه قوت يومه ولن أتدخل أكثر من ذلك بتفاصيل شخصية.
السؤال في العامة معلّق بلا إجابة لماذا تقدّم الغرب وتأخّرنا نحن ؟ وكيف السبيل للخروج بالناس من كهف الضلالة الفكرية والحضارية والمعرفيّة .لا أحد يجيب فالجميع مشغولين بالطابور للوصول الى الحقيقة المزيفة
فما أكثر الأيام التي حملها ويحملها الزمان وسيعلمون أنهم ليس سوى أصفاراً محطمة، فبمقدار نفسك يكون حجم نقدك وترقب خطواتك، ولن يسقط الجالس على الأرض أبداً . فقد قال الشاعر:
“وإذ الفتى بلغ السماء بمجده كانت كأعداد النجوم عداهُ … ورموه عن قوسِ بكل عظمتةٍ لا يبالون بما جَنوه مداهُ”.
لقد قامت الثورة لتغيير الأنظمة الفاسدة وكانت أولى خطوات التغير ان نتغير ولانترك هؤلاء الإنتهازيين من ركب تيار الوطنية إلى أن يصلوا في يوما ما إلى كراسي مسؤولين ستكون على عاتقهم ثقافة أجيال .

ليلى حجازي
باريس

مقالات عن صالون الخريف الفرنسي:

Articles Salon d’Automne: