fenon

مفردات تشكيلية من قاموس البهجة

علي الزويك فنان ذو حساسية عالية في الرسم ، يكاد يكون رسام الكهوف الأولى في عفويته وتلقائيته ، تقترب لوحاته من تعويذات السحرة والبدائيين ، باطني رمزي ، مطلع على إنتاج تاريخ فن الرسم بشكل كبير وله دراية بالمفاصل والمحطات المهمة به .

مفرداته التشكيلية تتجاوز المحلي والإقليمي إلى مستوى عالمي ، تخاطب المتفرج الجيد أينما كان بأعمق التجارب البشرية المستمدة من ( قاموس البهجة ) الخاص به والممتلئ بتجارب الذات وشجونها ، يهتم بالتأليف الذهني لها وكذلك الاستنباط الداخلي معتمد على تراكمية مشاهدة ومخزون ثقافي كبير .

كان يرسم البيوت البيضاء ذات الحيطان الجيرية المتآكلة والمتداعية في بعض الأحيان بظلالها البنفسجية الشفافة والأقواس الإسلامية بكل ما فيها من نقوش ومنمنمات بتركيز على الحالة التعبيرية للأشياء ( المفردات )،مثلا لوحة المدينة البيضاء وهي عبارة عن نسيج من اللون الأبيض المزركش بالنخيل والأشجار التي تظهر تارة ثم تختفي بين البيوت المتراصة فالترابط والتماسك بين كل هذه العناصر الموجودة في اللوحة ما هو إلا انعكاس لترابط سكان هذه البيوت والحياة البريئة التي كانت
تحول من الرسم الانبساطي المرح الذي كان يحتفي فيه بالماضي الجميل إلى الرسم الانطوائي الكئيب المعتمد على فلسفة الاستفزاز والتحريض ، رغم محاولات الفنان المتكررة إضفاء البهجة على عناوين لوحاته في هذه المرحلة مثل ( حلاوة الأيس كريم _ العازف _ قاموس البهجة ، رجل تمضغه السعادة ………)
استبعد فكرة الفن أكثر تماسكا وأكثر تنظيما وأكثر تماثلا وتبنى فكرة اللامعقول في جميع أعماله الأخيرة المنجزة ، بدءاً من الأداء الغريب وكذلك المفردات المستعملة المكونة للعالم الغرائبي وهذا يضع الفنان في المنطقة الحرجة التي يصعب فهمها وحتى تصديقها من قبل شريحة كبيرة من المتفرجين باستعماله هذا النهج .
وأيضا التكوين الغير تقليدي بحيث لا يوجد مركز للوحة ، فمفرداته تنهمر على سطح الورقة في سرب غامض من الأحاسيس والانفعالات بواسطة الاكوريل ، وتصوير الأشياء المستفزة والمتنافرة والمشوهة والغير مكتملة ، فيعتمد على ذلك بخبرة كبيرة في التعامل مع هذه التقنية وكذلك التوظيف الجيد للورق والانتشارات المائية العفوية ، أو عن طريق المعالجة الرديئة للأدوات او بفعل فكرة غريبة كانت تسيطر عليه.

أعماله بسيطة التركيب في الظاهر ، معقدة وعميقة في الباطن وتحتاج إلى جهد كبير لسبر أغوارها وفك رموزها ،فأنك لن تجد أي مفردة أو شكل إلا وقد نفذت بمنطق غريب ومرعب يدفع الفنان لإنتاج هذه الأشكال الغرائبية بكل ما فيها من كآبة واختزال للبهجة والفرح.، من الصعب أن تعثر على محسنات تشكيلية تسر العين التقليدية بسهولة في معظم هذه الأعمال ( نور ، ظلمة ، ابيض ، اسود ، تدرج لوني ، شفافية ،……) فأنه لا يختبأ وراء هذه المحسنات أو تلك التقنية كما يفعل الكثير من التشكيليين الذين يعجزون عن التعبير ما في داخلهم فيستعيضوا عن ذلك بالتقنية والمهارة في الرسم والاستعراض السطحي وعقم المخيلة .
ربما تتذكر فرانسيس بيكون لغرائبية الكائنات الموجودة في أعماله أو جان ديبوفيه وديفد هوكني لطفولة الرسم عنده او ماكس أرنست لفكرة اللامعقول أو خوان ميرو للخطوط والبقع المتناثرة على سطح اللوحة ، ولكن سوف تجد ان هذا الفنان كما قال عنه الفنان التشكيلي المصري الكبير عدلي رزق الله (( علي الزويك خلطة قلما تجدها في فنان واحد تلقائي يصل إلى حدود التلقائيين ، باطني رمزي ، تعبيري وأعماله مركبة sophistcated ) ) في نفس الوقت )).
صدر للفنان كتاب يضم فيه عديدا من لوحاته المنجزة في فترات مختلفة قام بتقديم هذا الكتاب الناقد والفنان التشكيلي أسعد عرابي وهذا جزء مما جاء فيه (( تختلط في مائدته التخيلية الثمار والحشرات ، الذبائح والأواني الطقوسية ، وهي الأقرب الى كينونة الزواحف الحية فالفنان لا يمتلك أدنى رغبة في إغراء عين المتفرج ، لان فنه يقوم على الاستفزاز والتحريض وهي القيمة ما بعد الحداثية اللصيقة بأبرز ما بعد السبعين ( من القرن العشرين ) على غرار جورج بازلت))
(يمتلك الفنان التشكيلي الليبي علي الزويك قدرة أسطورية هائلة، تستقي من ذاتيتها وحدسها وبسيكولوجيتها الانفصامية خصوبتها التخيلية . قد يجنح أحيانا في رسوم إشاراته وعناصره بالألوان المائية في فراغ فلكي أبيض باتجاه الحلمية أو الاحتلامية الفرويدية ، وبصدق طهراني مدهش)

وأخيرا يكتب الفنان عن فنه يقول (بدايتي في التشكيل أرسم البلح وبيوت الطين القرى البيضاء المتداخلة بين الأضواء والضلال ، الأشياء تحت الماء ، رسمت عالم الفقراء بمفهوم العالم الصناعي . زمني . زمن الآخرين ، المتقدمين ، المتخلفين ، على حد سواء ، هو زمن الشكوى ، الشكوى من كل شيء . لا يذكر شيء إلا وتسبقه كلمة أزمة ،عدد الذين يعيشون خارج أوطانهم يزداد كل يوم والأسباب عديدة ، منها الخبز والشمس . القلق الانحصار الوحدة رغم الزحمة . المدن المكتظة بواجهات المحلات الاستهلاكية وسقط المتاع . تتعاظم يوم بعد يوم الحاجة الملحة للتعبير عن الذات)

الجوائز التي تحصل عليها الفنان التشكيلي الليبي علي الزويك
1973 – الجائزة الأولى من إدارة الثقافة طرابلس
1974 – الجائزة التقديرية بالكويت معرض السنتين
1985 – جائزة الرسم المائي بلجيكا
بعض المعارض الفردية والجماعية التي قام بها الفنان
1985 – معرض بقاعة جرانس هاوس بلجيكا
1986 – معرض بقاعة الكسندر مونيه بروكسل – بلجيكا – معرض فردي
1995 – معرض الفن المعاصر بالدول الاسلامية والدول المتأثرة بالاسلام بألمانيا
1998 – معرض مائيات بمتحف الفن الحديث بالقاهرة – معرض فردي
2002 – المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس _ تونس
2004 – قاعة 5 * 5 لوحة وكتاب بالقاهرة -معرض فردي
2005 – معرض ضفاف مشاركة ليبية فرنسية
2006 – معرض بقاعة Sechzig بالنمسا
Adnan Meatek

عدنان بشير معيتيق
فنان تشكيلي ليبي