fenon

النقد قريبا من طواحين دنكيشوت

بقلم: مصدق حسين

” في جميع الأعمال الفنية نجد تعبيرا عن الإنسان ألمه وأمله . حبه وكراهيته. خوفه وجرأته. فكره وخياله. حقيقته ووهمه. شقاءه وتعاسته “

تتبعت ببالغ الأسى . لدرجة البكاء الداخلي الموجع . ما نشره الصديق الجزائري محمد بوكرش في العديد من المواقع المفتوحة كتابة على جزء من تجربتي كذبا بوهتانا ومن دون دراية ولا معرفة عميقة بخلفيتي الفكرية والفنية .. وكأنه كان يبحث من مدة على طواحين دنكيشوت ليعلي أسمه بعد اختفاء سنوات كما يقول ..

ترددت طويلا بالرد على ما جاء في كتاباته.. حتى لا أعطيه مزيدا من طواحين الهواء كما نصحني بعض التشكييلين النقاد الاصدقاء على امتداد الساحة العربية ولكن كان شيئا داخليا لا يستطيع غيري ان يفهمه يلح علي كي اخط بعض أشيائي في هذا المقال دفاعا عن حسين مصدق الصادق مع نفسه ومع ثقافته ومع هذه الحضارة التي ولد منها وفيها وستمر في عمله الفني داخلها. وكان هاجسي ان ادافع على صدقيتي فقط واترك منجزي على حائط النقد والنقاد مع يقيني اني لم ابغي يوما ان اكون ذا صيت في تلك الحوائط والصفحات .
انطلق السيد المحترم من حوار قصير وسريع دار بيني وبينه على النات يناقش بعض الهواجس بشكل عام وسطحي غير ان الاستاذ لم ينتبه لما تحت السطور فبنى مقالته “النقدية” على كلمات مفتاحيه على شاكلة تحطيم السائد حين جاء في كلامي : “حتى أني اعتقد بضرورة تحطيم السائد في لحظات تاريخية محددة، ما نفع الذوق السائد في مجتمعاتنا،الاستفزاز ضروري لطرح تلك الأسئلة العميقة” ولكنه أبدا لا يستطيع الانتباه وفهم عبارة ” لحظات تاريخية محددة”
نمضي …

لا يعلم بوكرش اني من قلة المثقفين التونسيين المدافعين بكل قوة على مشروع نهضوي عربي سياسي واقتصادي وثقافي في هذه البلاد وما جاورها ولي أمل كبير في الوصول اليه ذات يوم رغم كل ما يحبطه من منغصات وهذا يكفي لأكون خارج منظومة حديثه : تشكيليون ، نقاد وصحافة على مائدة كحولية و…مدفوعة الأجر، احتفالا بمشروع تنصيب فنان…ابن أو بنت… على رقاب الفنانين…وجدوا من المشجعين رهن أدنى إشارة منهم مثل..أقلام تحت الطلب… خريجة جامعات داخلية أو أجنبية معظمها طفيلي إلا ما رحم ربك حشيشة طالبة معيشة، هي الأخرى طالبة تسلق سريع بغث ما لديهم باسم التهديم والتجديد يصنعون لأنفسهم ولضعفاء أبناء أرباب المال والجاه ومن يدفع.”
وكل الاصدقاء والفنانون في تونس يعرفون صفاتي ورفضي المتواصل لمثل هذه الممارسات . بل بالعكس كنت دائم الرفض للانخراط في هكذا لوبيات.. ويعرف الجميع في تونس اني لا أحضي بأية امتيازا ت مؤسساتية وأعيش خارج منظومة الغناء والثروة والبذخ رغم انها من حقي كما هي من حق اي مواطن يعيش بلده في استقرار يعرفون كيف نحت حسين مصدق اسما له داخل المشهد التشكيلي التونسي وكم امتدت هذه المعانات .. عكس ما جاء على لسان السيد محمد بوكرش في جهله بحقيقة الاشياء :”متى نتجاوز الطبقية والاحتكام للدينار وللنفاق والكذب… والتحايل على سمعة وطن ..”
نمضي ..
ليكن في علم قراء ما يكتب محمد بوكرش. وحتى لا ينخدعوا اني لم اطلب يوما ما من ناقد تشكيلي عربي ان يمدح لوحتي ا وان يكتب شيئا عنها رغم صداقاتي بالكثير منهم وكل من كتب عني فهو مبادرة منه وانا سعيد بما خطه البعض… لم اطلب يوما دعوة لمهرجان تشكيلي يقام هنا او هناك رغم وفرة الاصدقاء المتنفذين حتى اني لم أجدد جواز سفري منذ 2002 الى الآن … اني من الفنانين القلائل الذين يرفضون المشاركات في المعارض الجماعية لتسجيل الحضور بل بالعكس تعد على الأصابع مشاركاتي . وفي الغالب اكتفي بمعرضي الفردي كل سنة او سنتين…
أضيف …
أنا من الفنانين القلائل الذين لا يتبجحون بسيرتهم الذاتية حتى اني ألغيها في العادة كما الغيت شهادتي ذات يوم ورميت بها في مزبلة التاريخ… وسيخجل جدا السيد محمد بوكرش لو يعرف على يد من تتلمذت … وهنا لن أزيد شيئا
نمضي …
الحداثة في مفهومي لا تعني التخلي على التراث والتاريخ وتحطيم الموجود من القيم الناصعة .. والسائد الذي قصدته في حديثي لا يخدش تلك الاشياء الجميلة التي تحدث عن بعضها محمد بوكرش متناولا أساتذة الفن التشكيلي في تونس رغم يقيننا انهم كانوا جميعا في صلب تلك المؤسسة التي انتقدها ولكنها كانت حقيقة تونس ما بعد التحرر من الاستعمار حيث احتاجت الى رموز صنعت بعضهم وكان بعضهم فعلا حالة ابداعية مرموقة ويكفي ان تعرف سيدي ان من بين من ذكرت من كان معينا لي ذات يوم وموجه ومازلت اكن كل الاحترام والتقدير لكل الرواد المعلمون في هذه البلاد من محيطها الى خليجها بل اكثر لكل مبدع يحاول تقديم فعل فني حتى لو كان بسيط ايمانا مني بحقيقة ان الوفرة تفرز الجودة… فلا خوف علي …
تتحدث عن سنفونيات الخط العربي وأنت لا تعرف اني كرست جزء من تجربتي لتعلم أصول الخط العربي مسافرا بين دمشق وحلب وتركيا متابعا شغوفا لنماذج الفن العربي الاسلامي … وكان للحرف العربي بروحانيته وموسيقاه وجود داخل لوحتي على امتداد سنوات ..
لماذا ابتعدت … هذا حديث آخر .
نمضي ..

رسوماتي الموضوعة على جداري في الفيس بوك و التي كانت مستفزا لكتاباتك هذه .. كانت مجرد تخطيطات اولية .تدخل في ما أسميه التجريب التشكيلي الذاتي اردت معرفة مدى تفاعل الاصدقاء معها سلبا او ايجابا ولم اطرحها ابدا مادة للتحليل النقدي ولم استجدي أحدا ليقول كلمة بهتان ونفاق أو يسكت ولم استجدي نقدا من احد كما ذكرت في مقالك .
لنكن واقعيون اكثر فأغلبية اصدقائي على الفيس بوك وعددهم كبير هم من الفنانيين او من لهم علاقة بالفن التشكيلي ولهم خبرتهم المتراوحة بين الجيد والعادي لم يلاحظوا فيما قدمت من رسومات ما لم يعجبهم فمن قرابة 120 تعليق .. نطرح منهم ما يعتبر مجاملة ليبقى العدد الجملي للتعليقات 10 ارضاءا لشوفينيتك النقدية- رغم ان هذا كثير عليك – لم يبدي واحد منهم استائه غيرك وتبعك واحد او اثنان مجاملة لك ….
يعني المعادلة في صالحي مهما كان رايك سديدا …
نمضي ايضا…
للفنان حر في منجزه يا استاذي واختيار المادة التي يشتغل عليها كأداة لتجريبه التعبيري وللوصول الى السيطرة على المادة الخام تتطلب منه الكثير من التجريب للوصول بها الى مراميه التعبيرية وخلال هذه الفترة تخضع فكرته الى التحول والتبدل وتحطيم المتعارف حتى تصبح لغة جديدة للفنان يمتلك ناصيتها .. وفي الغالب يعيد الفنان حواره مع ما يعرفة وما هو موروث لديه من تراث بصري مراوحا بينه وبين ما يصله من معارف حديثة وصولا الى الاكتمال وتسجيل حضور فعلي ..
نمضي مرة أخرى …
انا اعرف جيدا انك رفضت محتوى رسوماتي .. رفضت جسد المرأة داخل اعمالي وهذا موقفك نحترمه ولكن هذا لا يعني انك تراهن بموقفك نقدا .. هذا معيب في حقك
ومع اني تناولت موضوع الجسد في تلك المجموعة للتعبير عن حالة ذاتية حينية خارجة من الجسد اصلا ولا تعنى به..
ونمضي أخيرا بدون تعليق ونترك مجالا للعودة اذى عدتم
شكرا استاذي على سعة صدرك … ولك تقديري رغم كل شيء

هذه رساله ردا على مقال الفنان محمد بوكرش: