الرسم والتصوير


لعل أول ما يخطر ببال القارئ عند سماع كلمة ( تصوير) هو تخيله لأداة التصوير الفوتوغرافي (الكاميرا) سواء التي تصور صوراً ثابتة أو متحركة ( فيديو)، لكن يجب علينا ربط كلمة (تصوير) بكلمة فوتوغرافي حتى نحدد نوع التصوير .. فهل مصطلح تصوير يشمل غير ذلك؟ نعم، رغم أن كلمة (تصوير) تحدد معنى واسعاً يشمل إيجاد صور بغض النظر عن الوسيلة المصنعة، فالصور أيضاً تحدد معنى أوسع يشمل الهيئات (الأشكال) سواء كانت مصنعة أو مخلقة أو متخيلة (صورة ذهنية أو صورة مجازية).

قديماً تحدد معنى التصوير في التجسيم أي الأشكال ذات الحجم بما يقرب معنى التصوير من معنى التصيير. ولكن في العصر الحديث تحدد (التصوير) في مجال الفنون ليعبر عن التصوير بواسطة الألوان على مسطحات متنوعة، ليكون مشاهد واقعية أو غير ذلك، وقد يتحدد معنى التصوير في استخدام الألوان الطلائية، مثل (الألوان الزيتية والتامبرا والأكريليك والشمع المذاب والفريسك والدهانات المركبة..) والتي يستخدم فيها عادةً (فراشي التلوين والسكاكين والسكب والرش..) كما يضاف ضمن هذا الاصطلاح في مادة الفنون التشكيلية: التصوير باستخدام اللصق والتركيب (الفسيفساء والكولاج والزجاج المعشق..).

ذلك هو المعنى الاصطلاحي للتصوير الذي غالباً ما يخطئ به العامة ليسموه باسم (الرسم). أما الرسم في اللغة هو الأثر المتروك وفي تحديد أدق عند ترك الأثر على المسطحات نعني ترك الأثر الخطي أي باستخدام الخط. ولسهولة تحديده نعرفه بأنه يتم باستخدام الأقلام ( أقلام الرصاص والتلوين الخشبية والفحم والباستيل والحبر..) و يضم أيضاً أدوات رسم احتكاكية ( السنن الفضية والحفر والغراتاج والحرق..).

ولكن المصطلحين ليسا منفصلين تماماً:لم تصبح الرسومات أعمالاً فنية مستقلة إلا في القرن التاسع عشر. و قبل ذلك كانت عبارة عن دراسات سريعة أو تفصيلية لخدمة التصوير أو للتدريب فقط. يكون الارتباط أيضاً من خلال كون كل الأعمال التصويرية التقليدية تبدأ بالرسم على سطح اللوحة، ثم تلون، لكي يصبح اسمها تصويراً. مع ملاحظة إن كان الرسم يطغى ويبدو كجزء أساسي من اللوحة – قد يحتفظ العمل الفني هذا باسم الرسم-، كما في أعمال (الألوان المائية أو الباستيل بأنواعه أو أقلام الشمع..).

كما يمكن مهنياً أن نطلق تسمية الرسم كجزء مستمر ضمن المنجزات التصويرية على حدود الأشكال والمساحات المحددة بصرياً سواء من خلال خط ظاهر مستمر أو مقطع، أو حتى إن كان ناتجاً من خلال تجاور السطوح مختلفة اللون أو الدرجة. وكلما كان الرسم مميزاً في التصوير، أو كان التلوين مهملاً بطريقة ما، نطلق على صاحبه صفة مصور رسام. وعلى النقيض ندعوه مصور ملوِّن، والمسألة نسبية.

وفي حالات ما نسمي أعمال الرسم تصويراً كونها تتضمن المعنى العام للتصوير في عملية تكوين (صورة بصرية)، بهذا يتأكد لنا شمول اختصاص التصوير المستخدم في الأكاديميات وتسمية (مصوِّر) لكل من التصوير والرسم.

بقلم: إسماعيل الشيخوني – فنان تشكيلي