fenon

مائة عام من الإبداع: الحلم.. والحقيقة.. والخـير

بقلم: ابراهيم عبد الملاك
افتح خيالك .. ودع نور القادم يدخله .. تأتيك معه النسائم .. وفي ثناياها طيور الأمل الملونة .. وهذا الرجل نبيل الأصل والروح تجاوزت حدود الأنا إلي رحابة إسعادنا .

قدم حفيد محمد علي الكبير وإبراهيم باشا حبه لناسنا بتبرعه بإنشاء مدرسة الفنون الجميلة , ٨٠٩١. قدم الأمير يوسف كمال وطنيته علي طبق علمي ذهبي .. والتي أصبحت الآن كلية الفنون الجميلة .. وقد استعرضنا في المقال الماضي تاريخها وأقسامها الخمسة مستعرضين قسميها في العمارة والديكور .. ونحن معا اليوم نهديكم تاريخ أقسام التصوير والنحت والحفر ” الجرافيك ” مؤكدين أن التاريخ من الصعب تزييفه .. بل يجيء دائما الوقت ليأخذ الصدق مكانه وينسب الحق لأصحابه .. وهنا مرة أخري نذكر قيمة يوسف كمال الوطنية ..

قسم التصوير

كان هو أساس إقامة مدرسة الفنون .. وكان أساتذته من الأجانب المقيمين والذين ساعدهم المجتمع بالاستيعاب لمعني الفن في الإقبال علي تشجيع واقتناء اللوحة .. أول دفعة ضمت الرواد : راغب عياد ويوسف كامل ومحمد حسن وبعض الأجانب .. ثم بعدهم بثلاث سنوات أحمد صبري .. ونقف هنا عند هؤلاء لتذكر التآخي النبيل الذي ربط بين يوسف كامل المسلم وراغب عياد القبطي حينما سافر الأول ليستكمل دراسته العليا في إيطاليا وكان قد تم تعيينه مدرسا للفنون بمدرسة ثانوية .. فما كان من راغب عياد إلا أن قام بتدريس حصص زميله في المدرسة وأرسل له راتبه .. هذه هي معادن المصريين وخلاصة التجرد وصورة للنبل أرجو الاستفادة منها في أيامنا هذه والتي تشوبها منغصات الجهل والبله التعصبي المقيت .. وبالمناسبة أدركت الدولة معني هذا التآخي فتم إرسال راغب عياد علي نفقتها احتراما لهذا الإيثار النبيل .

ثم كانت الدفعة الثانية وأبرزهم حسني البناني وحسين بيكار .. الأول أسعدني الحظ إذ تربطني بابنه الفنان سامح البناني علاقة صداقة وزمالة .. وأيضا اقتربت منه كأستاذ حين كنت أدرس بالكلية .. والثاني له في فكري وقلبي كثير من الامتنان حيث عرفته عن قرب وكان أحد المؤثرين في كل الأجيال التي تتلمذت علي يديه .. والذي لقبته بأنه ” أبانا الذي في الزمالك ” احتراما وتقديرا لعطائه النادر .. وهو رائد بالصحافة المصرية من حيث دوره التاريخي فيها وخيره الممتد حتي اليوم .. وكان شاعرا وموسيقيا وناقدا وفي تاج وطنه درة نادرة .

وأيضا كان صلاح طاهر صاحب التجربة الناجحة في مشواره الفني والاجتماعي .. ثم الدقيق الخلوق كامل مصطفي وعبدالعزيز درويش مهضوم الحق رغم دوره كمعلم وفنه كمصور فذ .. كذلك عباس شهدي .. ووراءه جاء علي كامل الديب وبشارة فرج ونحميا سعد ورشدي إسكندر وفؤاد كامل وكمال النحاس وصبري راغب ويوسف رأفت وحسين يوسف أمين وصبري عبدالغني وحامد عويس ثم الجزار وحامد ندا وأمين صبح وممدوح عمار وزكريا الزيني وصلاح عسكر كوثر نوير وشعبان مشعل وأحمد نبيل سليمان .. وتلا ذلك انتشار الخريجين المتميزين في كل المجالات كالسينما والمسرح والصحافة والعمل العام مع إنتاجهم الإبداعي المتميز مثل يوسف فرنسيس ومصطفي حسين عبقري الكاريكاتير في الشرق والعالم والمصور الكبير حسن سليمان وفؤاد حسني وسعد الجرجاوي ومصطفي أحمد وماجد بشارة وأستاذنا حسن فؤاد ونبيلنا جمال كامل وحبيبنا إيهاب شاكر وهبة عنايت ومحمد قطب وفاطمة العرارجي ويوسف سعفان ومحمد سالم وجورج البهجوري والدسوقي فهمي وزهران سلامة ومكرم حنين وصفوت عباس وجودة خليفة زوربا الحركة التشكيلية وثائر الفن عز الدين نجيب وعبدالغفار شديد ومصطفي رمزي والناقد المتميز محمود بقشيش والمنتمي بحق جميل شفيق وشوقي زغلول ومحمد حجي ونبيل مصطفي حسن والسريالي الحالم محمد رياض سعيد وأيضا فهمي طوبيا وحامد الشيخ ومحمد طنطاوي والخلوق المبدع المتواضع حسن عبدالفتاح .. ثم امتداد الجزار بخصوصية صبري منصور ورضوان حجازي وصابر محمود .. ودون أن أحسب ترتيبه إنما أذكر قيمته الجميلة مصطفي الفقي وشاكر المعداوي ومصطفي مشعل وبعدهم يجيء سامح البناني سليل عائلة المجد التشكيلي حفيد يوسف كامل وابن حسني البناني .. ومعه تجيء الدفعة المتميزة ٩٦٩١ والتي تخرج منها المخرج التليفزيوني محمود إبراهيم وفنان برامج الأطفال حسن عبد الغني ومني بليغ وفوزية الجوهري ونرمين وفادية والمتمكن سمير ظريف وبعدهم جاء حامد صقر ومحمود أبوالعزم ومحسن حمزة وسلمي عبدالعزيز ورضا عبدالسلام وفاروق بسيوني وعطية مصطفي ومديحة متولي ومحمد الناصر وليلي أبوالسعود والجادة البشوش صفية القباني وأماني علي فهمي ونبيل متولي وخالد سامي وعماد رزق ونهاد عبدالمنعم وإبراهيم الدسوقي وهالة إبراهيم وهالة علام وإسراء ياسر وعبلة شوقي وأشرف علي وجيهان مدكور وزينب نور ونرمين المصري وفيروز عبدالباقي .

خارج الكلية

عدد كبير تخرج في الكلية وعمل بمجالات مختلفة وهم يشاركون في الحركة الإبداعية بانتظام وبمستوي راق ومنهم السيد القماش وأمل صبري وعايدة عبدالعزيز وإبراهيم غزالة ومحمد عرابي ومدحت ناصر ومحمد عبدالمنعم وعصام معروف وعمر الفيومي وأشرف دراز وأحمد إبراهيم ويوسف ليمود وجمال المرسي، وأحلام فكري وهند عدنان ووليد عبيد وياسر نبايل وأشرف رسلان وخالد السماحي ومجدي عثمان ومي رفقي ومها حسن وإسلام زاهر .

ثم يجيء الجيل الجديد ومنهم ريهام الشربيني وحنان الشيخ ورانيا الحلو وعلاء المغاوري ونور المغازي وشريف هنداوي وراجية بلال وأمينة صقر وأحمد إبراهيم ومحمد نبوي ومها صلاح وأسماء النواوي ورشا نبيل وعمرو نبيل وماهر داود ومروي الشاذلي وعمرو علي الدين ورانيا أبوالعزم ودينا يسري .

ومنذ بداية القرن العشرين ولفناني قسم التصوير دور إبداعي وثقافي كبير .. فهم ليسوا خريجين يمارسون فنا وإنما حالات فكرية تعايشت مع أحداث الحياة في مصر في كل النواحي علي مائة عام اكتملت وهم مهمومون بقضايا الوطن منذ كان هناك احتلال وفقر ومرض ونضال ومساهمون في تقدم مجتمعهم بشكل واضح .. وهكذا جيل وراء جيل بإيجابية إبداعية وإنسانية .

قسم الجرافيك

هو القسم الذي بدأ عام ٢٣٩١ وكان ومازال مهتما بفنون الطباعة والإعلان والرسم والحفر علي الخشب وتقنية الطباعة علي تعددها وتطورها .. ويعتبر الفنان ” الحسين فوزي ” هو الرائد لهذا الفن في مصر حيث بدأ عام ٤٣٩١ – بعد تخرجه – في تدريسه وهو من أبهر فناني مصر أداء وتطورا وله مجموعة لوحات عن المساجد في مصر تتساوي مع لوحات المستشرقين بل تفوقها .. لأن روحه المصرية الإيمانية بادية بوضوح في أعماله .. وربما يكون هو وعبدالله جوهر رائدي فن الجرافيك وهما أعظم معلمي هذا الفن ومن بعدهما يجيء نحميا سعد ثم كمال أمين وعزيز مصطفي .. وتبدو في أعمالهم المصرية الشديدة ومحاولة استلهام التراث بفكر معاصر .. وأصبحت الطبعة الفنية علي أياديهم في حالة اتقاد وتوهج وتطور .. ثم يجيء ماهر رائف ثم إدريس فرج الله ثم علي مهيب وحسيب وفهمي عبدالحميد ومني أبوالنصر وصلاح مأمون وعبدالمعبود ولطفي الصواب وحازم فتح والراحل الفذ فتحي أحمد .. وفي رأيي هو واحد من أحسن الحفارين علي خامة الخشب بأسلوبه الإيجازي والمتمكن في تكويناته والقدير في ارتباطه بالموروث برؤية تواكب المعاصرة .. وهناك الرمزي القوي حسين الجبالي شفاه الله والذي تحولت تكويناته المحكمة إلي معزوفة حروفية .. ثم أحمد نوار هذه الموهبة الرائعة بدورها الكبير كفنان وكمعلم وأيضا كإداري نجح في إنشاء كلية عظيمة للفنون الجميلة بالمنيا ثم عوض الشيمي وصلاح المليجي وحمدي أبوالمعاطي وأشرف صقر وعبدالعزيز الجندي وفاطمة عبدالرحمن و .. عشرات بل مئات من فناني الجرافيك يثرون مصر والحركة الفنية بإنتاجهم وتميزهم .

قسم النحت

رائده واحد من أنبل من أنجبتهم مصر .. واحد من أبهر فناني العالم في النحت .. فهو الذي استطاع أن يلغي ثلاثة قرون من الجمود ليقوم بعمل تلاحم بين نحت الحضارة المصرية القديمة والعصر الحديث بسلاسة وتفوق وخصوصية لن تتكرر بسهولة وفقط زوروا متحفه لتشعروا .. وتأملوا صرحياته كنهضة مصر وسعد زغلول .. و .. ولو أن مختار كان في دولة تقدر الفن كفرنسا وإيطاليا لكانت أعماله تزين الأماكن العامة والخاصة والبيوت والأفئدة .. بعد ذلك عثمان مرتضي ومحمود حسني وأنطون حجار وأحمد شاكر ومصطفي نجيب ثم إبراهيم جابر وإدوارد زكي .. ثم المتمكن عبدالقادر رزق وزميله مصطفي متولي والعدد يتزايد حتي جاء أحمد عثمان وهو الذي ساهم في نقل معبدي أبوسمبل وأيضا أستاذيته ساعدت في إنشاء كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية ثم يتلوه محمد العزازي وجمال السجيني وهو علامة جودة إبداعية بإنتاجه الكبير ومستواه الراقي .. وهو امتداد معاصر لمحمود مختار وقد ارتبطت أعماله بالحياة في مصر علي مدار ثلاثين عاما ومتفوقا في النحت علي الحجر والبرونز وفن الجداريات والميداليات .. وله حتي اليوم وللأبد دور وتلاميذ ومدرسة إبداعية خاصة .. ثم يجيء عمنا زهدي العدوي رائد الكاريكاتير في مصر ثم عبدالحميد حمدي وبعدهم لويس فرج وأحمد أمين عاصم وكامل جاويش وفايز باسيليوس ومحمد عزت وعبدالقادر مختار وكمال فوزي وعويس فلسطين وفؤاد يوسف ثم حسن صادق وجرجس عبده وسعد متري ومحمد أنور وروحية توفيق وفيليب ذكري ثم آدم حنين العلامة الواضحة في النحت المصري المعاصر بإيجازيته البليغة ودوره الثقافي في إنشاء سمبوزيوم أسوان ثم كمال خليفة الرمزي العميق وبهجت عثمان وهو من أعظم رسامي الكاريكاتير المصري ومن أبلغهم عمقا .. وتوالت الدفعات حتي عام ٧٥٩١ وفيها تخرج ناجي كامل رسام الكاريكاتير الكبير أطال الله عمره وله أعمال نحتية رائعة ثم المصري المعاصر والمستلهم القدير لفن النحت المصري القديم أحمد عثمان ثم جلال الخولي ومحمود فهمي ثم يجيء الحالم القوي والرمزي البليغ والمبهج صبحي جرجس .. ثم المؤرخ الكبير صبحي الشاروني وبعدهم فاروق إبراهيم وعبدالهادي الوشاحي وحسن خليفة ومحمد عبدالمنعم الحيوان ومأمون الشيخ ثم الصديقان ابنا الدفعة عبدالمجيد الفقي ومحمد أبو القاسم واللذان تتسم أعمالهما بالشخصية المصرية برؤية متطورة وبلاغة تعبير ومحمد العلاوي ثم جمال فوزي وأحمد جاد ومحمد جاهين وجمال عبدالحليم وأحمد عبدالعزيز وفوزية رمضان ثم حمدي عطية وطارق الكومي وجمال عبدالناصر وإيمان البحيري ومحمد جلال وشريف عبدالبديع وإسحق دانيال وشمس القرنفلي والشاذلي عبدالله وممدوح الكوك وباسم فاضل .. ومن هذه الأسماء كلها تجيئنا دفعة ثقة في مبدعينا وأمان إبداعي لمستواهم المتطور وإنتاجهم الملتزم ورؤيتهم المتطلعة لغد رائع ..

في السنوات الأخيرة استحدث قسم جديد ومهم وهو قسم تاريخ الفن والذي أسسه الفنان الرائع عبدالغفار شديد والذي استكمل بهذا القسم منظومة الفن في مصر .

لا يمكن لأي منصف وهو يرصد مائة عام من الإبداع من خلال تاريخ كلية الفنون الجميلة أن يغفل دورا مهما لخريجي الكلية والذين عملوا في مجالات متعددة أهمها بعد ذلك الصرح الثقافي الأكاديمي .. وأعني به ” الصحافة ” ولقد كانت الصحافة منذ أربعينيات القرن العشرين لها دور يتماس مع دور الكليات الفنية .. صحيح أن فناني الصحافة لم يكونوا كلهم خريجي هذه الكليات وإنما واكبت تماما تقدم هذه الأكاديميات وساعدت علي المستوي العام في نشر الفنون وتقديم هؤلاء العظماء الذين أربحوا الفن مجالا رائعا بجماهيرية الاستيعاب .

كنت أتمني التركيز ولو في صفحة واحدة علي هذا المجال لأنه كان وثيق الصلة بالكليات .. تضمنت دور هذا المجال في التعريف بالفنون وتقديم الفنانين بل أيضا تلك الأبواب الصحفية التي شرحت مدارس وتوجهات وأعمال الفنانين ونشر الأخبار والمعلومات عن كل أنشطة الفن في المعارض الخاصة والعامة والبيناليات الدولية .. لهذا اسمحوا لي من باب الوفاء والشكر وإعادة الحق أن أذكر فناني هذا المجال وكتابه من خريجي كلية الفنون .. أولهم حسن فؤاد وجمال كامل وهبة عنايت وإيهاب شاكر ومأمون وجريس والبهجوري ويوسف فرنسيس وعدلي فهيم ومحمد سليمة وسونيا وسميحة حسين ومحمد حجي وشريف عليش وأبوطالب، وعبدالعال حسن ومحمد قطب وجميل شفيق وجودة حليم يعقوب خليفة ومحمد طراوي ومكرم حنين والدسوقي فهمي وعطيات سيد وعبدالحليم البرجيني وجمال قطب وخلف طايع ومحسن جابر وعفت حسني وطبعا حلمي التوني والكبير رائد الرسم الصحفي حسين بيكار وكثيرون غيرهم وهؤلاء كانوا يستحقون ذكرهم وتأكيد دورهم المهم في تأكيد إيجابية الفنون خلال مائة عام من الإبداع .

سهو

كان سهلاً إضافة عشر صفحات أو ورقيات داخل الكتاب الرائع لنشر أعمال هؤلاء مع نبذة عنهم وأذكر بعضهم ولا يختلف معي أحد في قيمتهم ودورهم مثل حسن فؤاد وجمال كامل وهبة عنايت ويوسف فرنسيس وجميل شفيق ومحفوظ والدسوقي فهمي والقصاص و .. تحية لأرواحهم ووجودهم .

تحية لكلية الفنون وللرجل الذي تبرع بتكلفة هذا الكتاب الوثيقة المحب لمصر وناسها المهندس محمد سعيد فارسي .. تحية لعميد الكلية الفنان محمد مكاوي وتحية خاصة للفنان الذي قام بتنسيق هذه المطبوعة الكبيرة مدحت متولي وللفنان أشرف رضا علي مساهماته في الكتاب ومعهم الفنانون ورؤساء الأقسام الذين قدموا كل ما وصل لنا من متعة وثقافة و .. و .. ودمت يا مصر.

المصدر: www.rosaonline.net/Sabah/News.asp?id=43331
العدد 2823 – الثلاثاء – 9 فبراير 2010